فايننشال تايمز: سيناريو التوريث بمصر يمضي



نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن عدد من المعارضين المصريين تأكيدهم أن سيناريو توريث الحكم في مصر يمضي للأمام، وذلك بسبب الترقي السريع لنجل الرئيس وتدخله في شئون الحكم، والإطلالة الدائمة له في وسائل الإعلام.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير لها: إن جمال مبارك –النجل الأصغر للرئيس المصري حسني مبارك في حال وصوله إلى الرئاسة، سيواجه ملفات شائكة أبرزها الفساد والبطالة والفقر، حيث إن 40 % من المصريين يعيشون عند أو تحت خط الفقر، كما يجب خلق 650 ألف فرصة عمل سنويا في مصر لاستيعاب العمالة الجديدة وليس لتقليص حجم البطالة القائمة.
ورغم نفي مبارك الذي دأب على رفض تعيين نائب ورفضه التكهنات القائلة إنه يعد نجله جمال لخلافته، فإن جمال -بحسب فايننشال تايمز- يستعد لخلافة والده رئيسا للبلاد.
واستعرضت الصحيفة عددا من الدلائل التي ترجح بقوة أن جمال هو رئيس مصر القادم من أبرزها أن قضية الخلافة طرحت نفسها مجددا خلال الشهور الأخيرة عندما تردد أن هناك خططا لحل البرلمان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فيما صعدت السلطات حملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين، أبرز تنظيم معارض.
كما أن التكهنات حول خلافة جمال لوالده ترجع إلى عقد مضى عندما بدأ يلعب دورا أكبر في الحزب الوطني الحاكم، وفي عام 2002 شكل لجنة السياسات التي باتت تلعب دورا كبيرا في الحزب.
واستطردت قائلة: "في الوقت الراهن لا يوجد في المشهد السياسي أحد غير جمال مبارك كخليفة محتمل لمبارك الأب، فصعوده في الحزب الحاكم وتركيز وسائل الإعلام الضوء عليه ترجح أن هناك محاولة لتحقيق إجماع حوله".
وفي هذا السياق، نسبت الصحيفة إلى د.عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قوله: "منذ أيام محمد علي والمصريون يعرفون دائما من سيكون الحاكم المقبل.. فخلال العهد الملكي كان هناك ولي العهد وأثناء الجمهورية كان هناك نائب الرئيس".
أما النائب الأول للمرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" د.محمد حبيب فعلق على تصريحات مبارك بقوله: "الترقي السريع لنجل الرئيس وتدخله في شئون الحكم، والإطلالة المستمرة والدائمة له في كل الوسائط والمنافذ الإعلامية، فضلا عن انقلابه على الدستور في 34 مادة منه، واستقباله في المحافظات والمدن المصرية المختلفة وكأنه رئيس للدولة، يؤكد أن مسألة التوريث تمضي بخطى متسارعة نحو نهايتها"، بحسب ما ذكرته صحيفة الوطن الكويتية في عددها الصادر اليوم الأربعاء.
ومتفقا مع حبيب، قال المعارض المصري والقيادي بحركة كفاية جورج إسحاق -بحسب الصحيفة الكويتية-: "لا يجب أن يخدعونا بكلام مرسل لا أساس له من الواقع، فعملية التوريث تتم بلا كلل، وكلام الرئيس مبارك حول رضا أو عدم رضا المؤسسة العسكرية عن الرئيس القادم لمصر ليس له أساس من الواقع، لأنه عندما حدثت وعكة صحية للرئيس قبل بضعة أعوام من قبل كان من الواضح سيطرة هذه المؤسسة على الموقف تماما".
وردا على مبرر الرئيس مبارك بأن الشعب هو الذي سيحدد رئيس المقبل، ترى العديد من قوى المعارضة أن الانتخابات الرئاسية التعددية، المقررة عام 2011 عقب انتهاء ولاية الرئيس حسني مبارك الخامسة، لن تضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين، وأن النتيجة ستكون محسومة سلفا لجمال مبارك في حال خوضه الانتخابات كمرشح للحزب الحاكم، واصفين ما سيحدث بأنه سيكون" توريثا انتخابيا".
ومضى إسحاق يقول: "أعتقد أنه وسط هذا النظام الذي لا يمت للديمقراطية بصلة لا بد أن يكون للمؤسسة العسكرية دور مهم وكبير".
أما الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة "الدستور" المصرية المستقلة فقال في مقال نشر اليوم تعليقا على تصريح مبارك الذي قال فيه إنه لا يفكر في أن يكون جمال خليفة له: "هذه إجابة أخرى لا تحل ولا تربط، فهي قد تحل وتدعي أن قضية توريث الرئيس لابنه لا تدور في رأسه، ومن ثم خلصت الحكاية".
وأردف قائلا: "وقد تربط هذه الإجابة كذلك بأنه ما المانع أن تدخل ضمن تفكيره في أي لحظة؛ فالرئيس يقول إن ابنه لم يحدثه في هذا الموضوع، فهل هذا لأنه موضوع مفروغ منه، أم لأنهما لا يتصارحان سياسيا بالشكل الواجب، أم لأن جمال مبارك ابن مهذب لا يمكن أن يقول (لأبيه والنبي أنا عايز أقعد مكانك واعتزل وتنح من أجل خاطري)؟!".
وفي حالة عدم اختيار جمال مبارك -بحسب فايننشال تايمز- فإن القادم حتما سيكون من داخل الحزب أو المؤسسة العسكرية ولن يكون هناك تغيير سياسي أو اقتصادي في مصر كما سيتم الحفاظ على العلاقات مع أمريكا وإسرائيل كما هي.
واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة: "لكن السؤال الحقيقي المطروح على الساحة هو: هل تقبل المؤسسة العسكرية بجمال مبارك؟ مشيرة إلى أن بعض المحللين يرون أن المنافس الأرجح له سيكون عمر سليمان مدير المخابرات المصرية.
ولفتت إلى أن الرأي السائد هو أنه إذا لم ينقل مبارك السلطة في حياته فلن يحدث ذلك أبدا.