شبح التوريث القادم



أصبح المجتمع برمته مأزوما لدرجة أنه أصبح مستعدا لقبول أى حاجة وأى مشروع حتى لو كان التوريث


لم يعد من الممكن مقاومة التوريث من القوى السياسية،وباتت هناك إمكانية أن ترفضه بعض المؤسسات السيادية داخل الدولة بشرط ألا تحمل أى صفات انقلابية.


ستحتاج مصر إلى بديل من داخل المؤسسات السيادية، ولكنه لا يجب أن يحمل كل صفاتها، تماما كما تحتاج مصر إلى سياسيين من خارج ثقافة الدكاكين الحزبية وغير مصابين «بعمى أيديولوجى» يجعلهم غير قادرين على قراءة الواقع كما هو.
كتب عمرو الشوبكي

لم يبدُ شبح التوريث قريباً من الحقيقة أكثر من اليوم، ولم يعد هناك أى حواجز تُذكر أمام تحول هذا «الشبح» إلى واقع مثلما هو الحال الآن، ولم يهيأ المسرح السياسى وغير السياسى لتقبل هذا «المولود» الجديد مثلما يجرى الآن، فأصبح كل شىء معداً «الممثلون» و«الكومبارس» والمصفقون وربما حتى المنافسون والخصوم.
والحقيقة أن نجاح مشروع التوريث لا يتمثل فى قدرته على الوصول للسلطة، إنما فى نجاحه المؤكد فى تهيئة المجتمع والمسرح السياسى لقبوله أو حتى التعايش معه، وظلت معارضته وسط بعض النخب محدودة التأثير أو عبر فضاء العالم الإلكترونى أو على سلالم نقابة الصحفيين، بحيث من الصعب القول إن هناك تياراً أو تيارات سياسية قادرة على مواجهة مشروع التوريث بالاعتماد على الشارع والرأى العام، الذى غيب من المعادلة السياسية وهمش اجتماعيا وعانى من قهر السلطة وسطوتها.
والسؤال: كيف بدا المجتمع عاجزا عن القيام بأى مقاومة سياسية حقيقية لمشروع التوريث؟ المؤكد (وكما أشرنا مرارا) أن الذى حدث فى العقود الثلاثة الأخيرة لم يكن مجرد صدام سياسى بين السلطة والمعارضين، كما جرى فى عهود سابقة، إنما كان أيضا سوء إدارة وانعدام كفاءة جعل مؤسسات الدولة المصرية فى وضع غير مسبوق من التدهور من تعليم وصحة وإعلام وقضاء ومؤسسات سيادية (راجع حديث المستشار هشام البسطويسى عن طرق إفساد القضاء بالمعنى المهنى قبل السياسى) هذا الوضع جعل هناك تربة خصبة لقبول أى شىء مهما كان مهينا وجارحا، خاصة بعد أن دعمتها نظريات جديدة فى «علم السياسة» تقول «إن جمال مبارك جرب السلطة والمال وبالتالى فهو شبعان» و«أن من نعرفه أفضل ممن لا نعرفه» وهى كلها نظريات من المهم ترجمتها حتى تصبح «إسهاما» مصريا عالميا!!
لقد كان من الطبيعى أن تنتشر مثل هذه «النظريات»، بعد أن استبعد بقسوة كل من حاول فقط أن يكون محترما معتزا بنفسه مخلصا فى عمله وأيضا للنظام القائم، بدءا من كمال الجنزورى إلى المشير أبوغزالة وغيرهم من الوزراء وكبار المسؤولين، حتى اختفت هذه النوعية من الساحة السياسية والمهنية، بل إن بعض من كان مشهودا لهم بالكفاءة بدأ فى ترديد كلام باهت وسخيف، بمجرد تقلده منصبا، ويا حبذا لو فسد أو أفسد حتى يضمن مكافأة مجزية كما جرى مع الوزير السابق الذين عين فى «منصب بترولى» ليحصل على راتب مليون جنيه شهرياً.
إن مصر التى شهدت توريثا فى كل مؤسساتها على حساب الكفاءة، أصبحت غير معنية كثيرا بأن تورث المنصب الأرفع فى حكم البلاد، وأصبح تواطؤ السلطة والمجتمع على إبقاء مصر على ما هى فيه أمرا ملحوظا فى كل المجالات، فالاحتجاجات المسموح بها هى الاحتجاجات الاجتماعية البعيدة عن السياسة والسياسيين، وهذه من الوارد أن تتنازل فيها الحكومة وتصل لاتفاقات وحلول وسط حتى لو كانت أحيانا على حساب المجتمع والقانون.
هل يعقل أن يكون جزء من حل مشكلة السائقين المضربين فى مصر هو رفع المخالفات المرورية عنهم؟ هل هناك جرم وتواطؤ بين السلطة والمحتجين على حساب المجتمع أكثر من ذلك؟ من الطبيعى أن يطالب العمال برفع الأجور وزيادة الراتب، ولكن هل يمكن أن تقبل حكومة محترمة فى الدنيا أن تتنازل عن تحصيل مخالفات المرور إلا فى مصر، فطالما أن الضحايا هم من المصريين فلا بأس أن تقوم سيارات النقل العام بممارسة كل صور المخالفات على طريقة الكبير يأكل الصغير (بما أنهم يقودون عربات كبيرة) ولن يحاسبوا.
وطالما أن هناك تواطؤاً من الحكومة على تقبل مثل هذه التصرفات، وطالما أن «نضالات» المجتمع توقفت عند رفع الرواتب ( على مشروعيتها) وإلغاء المخالفات، فكيف يمكن أن نتصور أن يهتم مجتمع بهذه الحالة بمقاومة التوريث أو حتى أن يجذب اهتمامه.
إننا أمام فشل مجتمعى وليس فقط فشل أو صراع سياسى على السلطة، فقد فشلت الحكومة فى ترجمة الدردشة حول الإصلاح السياسى إلى واقع، كذلك فشلت الأحزاب السياسية فى أن تكون قوة مؤثرة، وانتهت الحركات الاحتجاجية السياسية، وفشل الإخوان فى أن يتحولوا إلى تيار سياسى مدنى يؤمن بالديمقراطية والمواطنة، وتعثرت منظمات المجتمع المدنى، وفشل المثقفون والكتاب فى أن يشكلوا تيارا متجانسا يساهم فى عملية الإصلاح السياسى، وتعايشنا جميعا مع «جمهورية الكلام» وثقافة الفوازير والمسلسلات والفتاوى بعبقرية نادرة، بحيث أصبح المجتمع برمته مأزوما لدرجة أنه أصبح مستعدا لقبول أى حاجة وأى مشروع حتى لو كان التوريث.
ولعل من هنا تكمن مشكلة هذا المشروع فى أنه جعل المجتمع على هذا النحو المتبلد، فنجاحه المعنوى - متمثلا فى عدم قدرة المجتمع على مقاومته - هو أكبر كارثة حلت بمصر فى الفترة الأخيرة، بصرف النظر عن نجاحه المادى متمثلا فى وصوله عملياً للسلطة أم لا.
إن نجاح مشروع التوريث فى تهديد النظام الجمهورى جعل كثيراً من الناس يتحسرون على دعم الشعب المصرى لانقلاب عسكرى قضى على الديمقراطية المتعثرة فى يوليو ٥٢ من أجل بناء نظام جمهورى بشّرهم بالعدالة والمساواة والتحرر، وكانوا رجاله فى المعارك والهموم، وحين جاءت مرحلة قطف الثمار بعد انتهاء الحروب أخذتها قلة قليلة من نخبته تاركة للشعب الفتات.
لم يعد من الممكن مقاومة التوريث من القوى السياسية، وباتت هناك إمكانية أن ترفضه بعض المؤسسات السيادية داخل الدولة بشرط ألا تحمل أى صفات انقلابية، فنحن بحاجة إلى «فيتو سياسى» على وضع يرتدى زى قانونى (ترشيح جمال مبارك فى انتخابات رئاسية صورية) وهو فى الحقيقة إنهاء للنظام الجمهورى، ووراثة بلد تدهورت كل مؤسساته وفقد الشعب رغبته فى العمل والإنتاج لأنه يعيش فى ظل حكم نقل مشروعه القومى من السد العالى إلى توريث السلطة.
ستحتاج مصر إلى بديل من داخل المؤسسات السيادية، ولكنه لا يجب أن يحمل كل صفاتها، تماما كما تحتاج مصر إلى سياسيين من خارج ثقافة الدكاكين الحزبية وغير مصابين «بعمى أيديولوجى» يجعلهم غير قادرين على قراءة الواقع كما هو، وأخيرا تحتاج مصر إلى محتجين مثل موظفى الضرائب العقارية، يعتبرون أن الدفاع عن حقوقهم لا يكون تحت أى ظرف على حساب حقوق المجتمع ولا القانون.
إن المجتمع المريض أفرز ظواهر اجتماعية وسياسية كثيرة مريضة، ولا يجب اعتبار أى من هذه الظواهر مخلصاً سحرياً لأمراض المجتمع، فمصر ستحتاج إلى معجزتين لتتعافى من أمراضها، الأولى أن توقف مشروع التوريث، والأخرى تعيد الروح مرة أخرى للمجتمع المصرى، وهذا فيه رهان على غير المرئى، وربما دعاوى المصريين ونوايا بعضهم الطيبة.

هل ترضخ المؤسسة العسكرية لمخطط التوريث؟


عملية انتقال السلطة من الرئيس مبارك «الأب» إلى «الابن»، إن تمت، سوف تعنى بالنسبة للمؤسسة العسكرية المصرية الموافقة ليس فقط على نقلها إلى شخصية مدنية ولكن على الإطاحة فى الوقت نفسه بالتقاليد الجمهورية.

لا نعتقد أن المؤسسة العسكرية، التى يرى كثيرون أنها ستظل صمام أمان فى مواجهة احتمالات فوضى يصر أنصار التوريث على دفع البلاد نحوها، يمكن أن تقبل به.

كتب: د.حسن نافعة في ٢٣/ ٨/ ٢٠٠٩
يبدو أن الاهتمام بالحوار الذى أجراه الصحفى الأمريكى تشارلى روز، عشية الزيارة التى قام بها الرئيس المصرى للولايات المتحدة هذا الأسبوع فاق الاهتمام بالزيارة نفسها. فقد شدت الأسئلة التى طُرحت والإجابات التى قُدمت فى هذا الحوار المهم انتباه المراقبين بأكثر مما شد انتباههم أى حدث آخر خلال الزيارة نفسها. وقبل أن أدخل فى تحليل مضمون ما قدمه الرئيس مبارك من أجوبة أود التوقف أولا عند دلالات الأسئلة التى طرحها المحاور حول:
١- نية الرئيس مبارك للترشح لفترة رئاسية جديدة.
٢- رغبته فى أن يأتى ابنه جمال من بعده.
٣- احتمال حل البرلمان قريباً.
٤- طول فترة بقائه فى السلطة لأكثر من ٢٨ عاماً
٥- موقفه من الإخوان المسلمين ومن الإجراءات القمعية التى تمارس ضدهم.
٦- حالة الأمن فى مصر بعد غيابه.
٧- الموقف المحتمل للجيش المصرى من نقل السلطة.. إلخ.
وقد عكست هذه الأسئلة، التى تمحورت فى معظمها حول قضية «التوريث»: ١- اهتماما كبيرا بما يجرى فى مصر.
٢- قلقاً واضحاً من احتمال نشوء حالة من عدم الاستقرار فى مرحلة «ما بعد مبارك» خصوصاً إذا لم تتسم عملية نقل السلطة بالسلاسة المطلوبة.
٣- متابعة دقيقة للجدل الدائر فى مصر حول قضية «التوريث»، وما يحيط بها من غموض وبلبلة.
ولأن مصر دولة ذات شأن فى المنطقة، بصرف النظر عن مدى كفاءة نظامها الحاكم، فمن الطبيعى أن يشعر حلفاؤها بالقلق إزاء خطورة العواقب المترتبة على انتقال غير آمن للسلطة فى دولة بحجم مصر، وما قد يؤدى إليه من احتمال زعزعة استقرار المنطقة ككل. لذا بدت أسئلة الصحفى الأمريكى المخضرم فى سياق كهذا وكأنها محاولة إعلامية لفض أستار الغموض ولتبديد جانب من مظاهر القلق!.
ورغم ما اتسمت به أسئلة الصحفى الأمريكى المخضرم من جرأة، فإنها لم تحتو على أى جديد، ومن ثم فقد كان من المتوقع أن يكون الرئيس مبارك مستعداً، وأن تنطوى إجاباته على ما يكفى من الوضوح والشفافية لتبديد كل مظاهر الغموض والقلق.
غير أن هذه الإجابات لم تكن فقط مخيبة للآمال وإنما جاءت بنتائج معاكسة تماماً لما كان متوقعا منها. فظاهر أقوال الرئيس مبارك يوحى بإنكار وجود مشروع لتوريث السلطة فى مصر، أما مضمونها فيؤكد ليس فقط وجود مشروع لتوريث السلطة فى مصر وإنما أيضاً إصرار الداعين إليه والمروجين له على تمريره مهما كانت العواقب. دليلنا على ذلك ما يلى:
١- حين سُئل الرئيس عن رغبته فى إعادة ترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة لم يؤكد أو ينف، وترك الاحتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات بما فيها احتمال عدم ترشحه عام ٢٠١١ أو حتى تنحيه قبل هذا التاريخ. ولأن موقفه هذا يبدو متناقضا مع ما أعلنه من قبل حول إصراره على الاستمرار فى تحمل المسئولية «طالما بقى فيه عرق ينبض»، فقد رأى البعض فى إجابة الرئيس دعما لمشروع التوريث وليس نفيا له.
٢- حين سُئل الرئيس عما إذا كان يود أن يخلفه جمال أجاب بأنه «لم يثر الموضوع مع ابنه» و«لا يفكر فى أن يكون ابنه خليفة له»، وأفصح بأن جمال ظل لفترة طويلة «ضد الانضمام إلى الحزب الوطنى» وأن أمر اختيار رئيس للبلاد «متروك لقرار الشعب الذى يختار من يثق فيه». وما قاله الرئيس هنا لا يستبعد أن يكون جمال هو مرشح الحزب الوطنى فى انتخابات الرئاسة المقبلة. فلو كان الرئيس ضد فكرة التوريث من أساسها لقال كلاما آخر مختلفاً تماماً.
ولأنه وجد من استطاع فى الماضى إقناع جمال بالانضمام للحزب الوطنى، بعد طول ممانعة، فليس من المستبعد العثور مستقبلاً على من يستطيع إقناعه بأن يقبل ترشيح الحزب له فى انتخابات الرئاسة المقبلة!. أما قول الرئيس بأن الشعب هو الذى يختار رئيسه فهو كلام ينطوى فى رأى الكثيرين على كثير من البلاغة وقليل من الفائدة!.
٣- حين سُئل الرئيس عما إذا كانت مصر «ستبقى آمنة بعده»، جاءت إجابته بنعم واضحة وقاطعة، مؤكداً أن مصر ستظل آمنة «فى ظل من يأتى من بعده، ومن يأتى بعد من يأتى من بعده»، وهى إجابة فسرها البعض باطمئنان الرئيس إلى نجاح مشروع التوريث بلا مخاطر تذكر!.
٤- حين سئل الرئيس عن موقف الجيش وأنه «لن يكون هناك رئيس لمصر غير مقبول من جيشها»، أبدى الرئيس اعتراضه بشدة قائلاً: «لا لا لا.. لا أوافق على هذه العبارة».
وقد يكون وراء هذا الاعتراض تفسيرات شتى، غير أن التفسير الأرجح يرى أن المقصود به مجرد التأكيد على حرفية الجيش المصرى كمؤسسة عسكرية لا تتدخل فى السياسة وتخضع للدستور وتحترم القانون، وهو ما يعنى استبعاد الرئيس اعتراض الجيش على ترشيح جمال أو على انتخابه رئيساً. فما الذى يمكن أن نستنتجه من هذه الإجابات؟
بوسع الباحث المدقق أن يعثر فى هذا الحوار على جملة مفتاح تشكل، فى تقديرى، ما يمكن اعتباره إطاراً مرجعياً محدداً لرؤية الرئيس حول قضية التوريث. ففى رده على ملاحظة تتعلق بفترة رئاسته التى طالت لأكثر من ثمانية وعشرين عاماً أكد الرئيس مبارك أنه «يمارس العمل العام منذ أكثر من ستين عاماً»!.
وتشير هذه العبارة بوضوح إلى تطابق «الحيز السياسى» تطابقاً تاماً فى ذهن الرئيس مع «الحيز الإدارى» على نحو يدفعه إلى الاعتقاد بأنهما يشكلان معاً حيزاً واحداً يسمى «العمل العام» يشغله موظفون ينتمون جميعاً إلى «هرم وظيفى» يقف رئيس الدولة على قمته!. ومن الطبيعى، فى سياق مثل هذا التصور، أن يصبح كل شخص، بما فى ذلك نجل الرئيس، مؤهلاً لشغل موقع الرئاسة لأى فترة زمنية يمكن أن يسمح بها القانون!.
ولأن الرئيس يبدو مطمئناً إلى سلامة القواعد التى تدار بها اللعبة السياسية فى مصر حالياً، خصوصاً بعد التعديلات الدستورية التى يفخر بها ويعتبرها أحد أهم إنجازاته، فمن الطبيعى ألا تثور لديه شكوك حول قدرة المؤسسات القائمة على إفراز القيادات السياسية المطلوبة لإدارة الدولة. لذا توحى تصرفات الرئيس بأنه يبدو مطمئناً إلى:
١- وجود إطار لنظام سياسى تعددى يسمح بتنظيم انتخابات رئاسية تتنافس فيها قيادات حزبية مختلفة، حتى وإن كانت نتيجتها محسومة سلفاً لصالح مرشح الحزب الحاكم.
٢- عدم توافر القدرة، وربما الرغبة أيضاً، لاعتراض المؤسسات الدولية على نتيجة هذه الانتخابات أو عرقلتها.
٣- توافر ما يكفى من الانضباط لدى المؤسسة العسكرية لضمان قبولها الأمر الواقع.
غير أن هذا التصور ليس دقيقاً لأن الفرق كبير جداً بين الوظائف الإدارية، التى يمكن شغلها بالتعيين، والوظائف السياسية، التى تستمد فعاليتها من صدق تمثيلها للإرادة العامة، معبراً عنها من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
ولأن غالبية المواطنين فى مصر تؤمن بوجود مخطط لتوريث السلطة يجرى الإعداد له منذ عشر سنوات، وترى فى التعديلات الدستورية التى تمت حلقة فى هذا المخطط، فمن الطبيعى ألا تصدق الجماهير أبداً احتمال وصول جمال مبارك إلى مقعد الرئاسة من خلال انتخابات حرة ونزيهة حتى لو أقسم كل ملائكة السماء!.
صحيح أن هذه الغالبية تدرك أنه قد لا يكون بوسع قوى الداخل أو ضغوط الخارج وقف مخطط التوريث أو إجهاضه، لكنها تعتقد فى الوقت نفسه أن إصرار أصحاب المصلحة عليه سيدفع بالبلاد لا محالة نحو حالة من الفوضى قد تعرض أمن مصر للخطر.
لذا يعتقد كثيرون أنه لن يكون بوسع المؤسسة العسكرية، وهى مؤسسة وطنية تدين بالولاء للوطن وليس للأشخاص، أن تقف مكتوفة الأيدى أمام وضع كهذا!. تجدر الإشارة هنا إلى أن عملية انتقال السلطة من الرئيس مبارك «الأب» إلى «الابن»، إن تمت، سوف تعنى بالنسبة للمؤسسة العسكرية المصرية الموافقة ليس فقط على نقلها إلى شخصية مدنية ولكن على الإطاحة فى الوقت نفسه بالتقاليد الجمهورية.
وربما يكون بوسع المؤسسة العسكرية المصرية، وهى مؤسسة وطنية منضبطة، أن تقبل عن طيب خاطر نقل السلطة إلى رئيس مدنى منتخب فى إطار عملية تحول ديمقراطى حقيقى، أما أن يتم ذلك فى إطار عملية «توريث» مخططة ومكشوفة يجرى الإعداد لها على قدم وساق منذ عشر سنوات، فلا نعتقد أن المؤسسة العسكرية، التى يرى كثيرون أنها ستظل صمام أمان فى مواجهة احتمالات فوضى يصر أنصار التوريث على دفع البلاد نحوها، يمكن أن تقبل به.

المخابرات المصرية في عهد "سليمان" تستعيد ايام رأفت الهجان


روى الصياد المصري الحاج حسن خليل للاعلامية منى الشاذلي في برنامجها الشهير العاشرة مساءاً على قناة دريم قصته في تحرير الصيادين المصريين، وكان الحاج حسن قد تعاون مع المخابرات المصرية التي اثبتت قوتها في عملية التحرير والذي فشلت فيه كل من المخابرات الاميركية والروسية والفرنسية في نفس العملية.وبدا الشيخ حسن بطلا شعبيا من خلال روايته ويستطيع من يتابع الصحافة المصرية وردود فعل الشارع المصري ان يكتشف ان الحاج حسن لن يقل في اهميته عن رأفت الهجان الذي زرعته المخابرات المصرية في اسرائيل.وكما تناولت الافلام والمسلسلات المصرية قصة رأفت الهجان المعروفة يتوقع أن يلاقي الحاج حسن نفس الاهتمام.


وكانت قد تضاربت الروايات حول السيناريو الحقيقي لمعركة «تحرير الصيادين المصريين» وعددهم 34 شخصاً من قبضة القراصنة الصوماليين الذين احتجزوهم في مركبيهما «ممتاز 1» و»أحمد سمارة» وطالبوا بفدية قدرها 800 ألف دولار أميركي، قبالة السواحل الصومالية الشرقية قبل أربعة أشهر.إلا أن الحديث عن تخاذل الحكومة المصرية، ووزارة الخارجية في التعامل مع القضية، رفع من أسهم الرواية التي تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء ولاقت ترحيباً من جانب الرأي العام، والتي أشادت بالخطة المحكمة التي وضعها الحاج حسن خليل (65 عاماً)، مالك المركبة «ممتاز 1» الذي سافر إلى اليمن والصومال قبل أسبوعين بحجة التفاوض مع الخاطفين، بينما كان الهدف هو مراوغتهم وخداعهم لتخليص الصيادين وبينهم ابناه.واستعان خليل بـ11 قرصاناً صومالياً استئجرهم لتحرير الرهائن، وأتموا عملية «التخليص» في وقت قياسي. ونجح الصيادون الفقراء في الفرار من أيدي القراصنة بعد أن اشتبكوا في معركة مسلحة مع خاطفيهم واستولوا على أسلحتهم وقتلوا اثنين منهم وطعنوا ثالثاً وألقوه في البحر وأسروا 3 من القراصنة على طريقة المثل الشعبي «جيت تصيده صادك».وكانت تقارير صحافية نسبت إلى مصدر رفيع المستوى قوله إن جهة «سيادية مصرية» تولت إدارة ملف الصيادين المختطفين بالصومال، نافياً ما تردد على ألسنة بعض أسر المختطفين من أن أبناءهم قد نفذوا عملية الهروب بشكل عفوي، موضحاً أن «الأمر كان مُرتباً له جيداً وكانت التعليمات التي تم فرض السرية عليها بشدة تقوم على أن يتم تأكيد مسار المفاوضات التي تقوم بها الخارجية المصرية وجهودها بنفس الدرجة والقدر من الاهتمام، كما أن التركيز على الدعوات والحملات الخاصة بجمع أموال من أجل دفع الفدية المطلوبة لم تكن سوى مسكنات قصد بها صرف نظر القراصنة عن أي عمليات سرية يجرى الإعداد لها في الخفاء لعدم لفت انتباههم»، مؤكداً أن «الجهة السيادية التي أدارت الملف استعانت بعدد من القراصنة الصوماليين تم تجنيدهم ثم جرى تدريبهم جيداً على عملية الاقتحام والإفراج التي جرى تنفيذها بعناية فائقة دون أي خسائر للصيادين المصريين».

أكشاك جمال مبارك ومحاولة التوريث من أسفل !


كتب: خالد السرجاني بجريدة الدستور



إن كنت من هواة السير في شوارع وسط البلد، فسوف تفاجأ بظاهرة جديدة علي وسط البلد، أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم، وهي أن يضع أصحاب الأكشاك صورة كبيرة وبارزة وموحدة للسيد جمال مبارك - وبالطبع من حق أي كائن أن يضع ما يشاء من الصور أو الملصقات مادامت لا تخدش الحياء العام، ولكن الذي يلفت الانتباه في هذه الظاهرة أن هذه الأكشاك وضع أصحابها الصور أعلي الكشك واحتلوا نصف الشارع وجزءاً كبيراً من الرصيف بالمخالفة للقانون، بما يوحي بأن صورة أمين سياسات الحزب الوطني أصبحت مسوغا للهروب من تطبيق القانون، وبما يعيدنا إلي التقليد الأضحوكة وهو أن يضع أصحاب المقاهي ملصقات الحزب الوطني من أجل أن يتفادوا رزالات رجال الحي ومديرية التموين وغيرها من الجهات الرسمية.والسؤال الذي لابد لنا من طرحه، هو هل وضع أصحاب الأكشاك صور أمين السياسات بمبادرة منهم، أم أن جهات رسمية طلبت منهم ذلك من أجل تهيئة الرأي العام لسيناريو التوريث، وهل هذا الطلب الرسمي كان مبادلة بينهم وبين السلطات المحلية بأن تتغاضي عن مخالفاتهم مقابل وضع الصورة الموحدة التي يبدو أنه جهزت كلها في مكان واحد، وهذا السؤال يجرنا إلي طرح سؤال آخر وهو هل تجرؤ محافظة القاهرة الآن علي البحث وراء هذه الأكشاك لمعرفة هل هي مرخصة أم لا، وهل تجاوز أصحابها المساحة المرخص لهم بإشغالها أم لا، وبالطبع سيتأكد رجال المحافظة من المخالفة التي يمكن اكتشافها بمجرد النظر لأنهم يحتلون نصف الشارع.وهناك سؤال آخر لابد من طرحه علي أمين سياسيات الوطني نفسه وهو هل تقبل علي نفسك أن تكون وسيلة للقفز علي تطبيق القانون، وهل يتم ذلك بعلمك أم من دون علمك، وأما وقد علمت فما هو موقفك من هذه التجاوزات ؟.ومهما كانت الإجابات علي الأسئلة المطروحة، فإن الأسلوب نفسه أي وضع صور أي من السياسيين علي واجهة المحلات والأكشاك هو أسلوب لا يحدث سوي في الدول الاستبدادية والشمولية فقط خاصة إن كان المسئول له صفة رسمية، أو ينتمي إلي الحزب الحاكم، أما الشعوب المقهورة فلها أيقوناتها المختلفة، وبالطبع فإن السيد جمال مبارك ليس جيفارا الذي أصبح أيقونة لشعوب العالم الثالث، بعد أن فارق الحياة، وليس لأنه يحتل منصبا رسميا، وبالطبع فان أمين سياسات الحزب الوطني يمكن أن يصبح أيقونة لكبار رجال الأعمال وهؤلاء لا يضعون صورا في محال عملهم، ومن الصعب أن يكون أيقونة الفقراء فأصبح أيقونة أصحاب الأكشاك المخالفين لشروط التنظيم !! وهو لا يملك كاريزما جيفارا حتي يضعه الفقراء في واجهة بيوتهم، وبالتالي لابد وأن يدرك أمين سياسات الوطني أنهم يضعون صورته للهروب من تطبيق القانون.إن ما يحدث في شوارع وسط البلد، لهو محاولة جديدة لفرض التوريث علي الشعب المصري، ولكن بأسلوب جديد يختلف عن المحاولة التقليدية السابقة. فهذه المحاولة كانت عبر فرض أمين السياسات علي الحزب الوطني بقرار فوقي وقع عليه والده بأن أصبح مسئولا حزبيا كبيرا لم يخضع للاختيار الجماهيري عبر الانتخابات الحزبية النزيهة والشفافة، وتم فرضه علي الشعب المصري عبر وسائل الأعلام الحكومية، من دون سند ولا سبب سياسي أو اعلامي، وهذا الأسلوب نستطيع أن نطلق عليه "التوريث من أعلي"، أي عبر قرارات علوية وفوقية تفرض علي الجماهير من قبل من لديهم سلطة اتخاذ القرار. شولكن يبدو أن ماكينة التخطيط للتوريث وجدت أن هذا الأسلوب ليس كافيا لأنه يحجب قطاعات شعبية عديدة عن تأييد الوريث، بما يعني أن تأييده سيكون مقصورا علي قطاعات محدودة العدد وإن كانت قوية التأثير وهم رجال الأعمال وكبار الاقتصاديين وقطاعات من البيروقراطية الحكومية في المستويات العليا من الإدارة، وبالطبع المستفيدون داخل الحزب الوطني. وبالتالي تفتق ذهن أعضاء هذه الماكينة عن ضرورة إضفاء طابع شعبي علي المخطط بأن تبدأ قطاعات شعبية في رفع لافتات التأييد، بحيث يبدو وكأن المجتمع من أسفله هو الذي يطالب بتصعيد الوريث وليس القطاعات العليا منه فقط. ولما كانت هناك فجوة كبري بين القطاعات الشعبية الحقيقية والسيد جمال مبارك الذي لا يخفي انحيازه للأغنياء علي حساب الفقراء والذي لم يتورع عن القول بأن سوء توزيع الثروة أفضل من توزيع البؤس، كان الحل العملي الذي توصلت إليه الماكينة هو أن يبايع من يريد شيئا من الحكومة الوريث، علي سبيل المبادلة، التأييد للوريث مقابل أن تغض الحكومة وأجهزتها الطرف عن مخالفاتهم للقانون، وهذا الأسلوب يطلق عليه مسمي الانحطاط السياسي، عندما تتجاهل السلطة تطبيق القانون لغرض ما في نفسها.وبالطبع قد يظهر لنا واحد من مريدي أمين سياسات الحزب الوطني ليقول أن ما نقوله ليس صحيحا وأن السيد جمال مبارك ليس مسئولا عن ذلك ولا يعرف أن الأكشاك تضع صورته، بل يقول إن ذلك يمثل تعبيرا عن شعبيته، وهذا الكلام مردود عليه بأن الشعبية شيء والمخالفة للقانون شيء آخر، وإن عدم معرفة أمين السياسات بالواقعة لا يعفيه من المسئولية لأن أجهزة الدولة تتواطأ مع من يضعون الصور أو قد تخشي أن تحاسبهم علي ما يفعلونه خوفا منه.والمشكلة في هذا الأمر أن ما يحدث في أكشاك وسط البلد يمكن أن يغري آخرين بتقليده ويمكن في المستقبل أن نري أماكن تطرح المخدرات علنا وتحصن نفسها بوضع صورة السيد جمال مبارك في واجهتها، ويمكن أن يمتد هذا الأمر إلي مخالفات أخري للقانون.والطامة الكبري التي يجسدها عدم علم السيد جمال مبارك بما يحدث باستخدام اسمه وصورته، أنه دليل علي غياب الدولة وعدم سيطرتها علي وسط البلد في العاصمة فما بالك بما قد يحدث في المحافظات النائية، فلا ندري إلي أي مدي وصلت محاولات التوريث من أسفل، ولا ندري هل ما يحدث في وسط القاهرة هو مرحلة تجريبية لخطط سيتم تعميمها بعد ذلك أم أن التطبيق بدا في جميع محافظات مصر، كخطوة مفاجئة حتي لا يستعد لها المعارضون لخطط التوريث. إن المحك الرئيسي الآن هو كيف ستتصرف الأجهزة التنفيذية في محافظة القاهرة إزاء هذه الظاهرة، فما نطلبه ليس إزالة الصور عن الأكشاك ولكن تطبيق القانون عليها من حيث شروط الترخيص والالتزام بالمساحة الممنوحة لهم، أما عن الصور ذاتها فموقفها لابد وأن يكون مع صاحبها نفسه الذي عليه أن يطلب ممن يضعونها أن يرفعوها لما تسببه له من إحراج.

فايننشال تايمز: سيناريو التوريث بمصر يمضي



نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن عدد من المعارضين المصريين تأكيدهم أن سيناريو توريث الحكم في مصر يمضي للأمام، وذلك بسبب الترقي السريع لنجل الرئيس وتدخله في شئون الحكم، والإطلالة الدائمة له في وسائل الإعلام.
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير لها: إن جمال مبارك –النجل الأصغر للرئيس المصري حسني مبارك في حال وصوله إلى الرئاسة، سيواجه ملفات شائكة أبرزها الفساد والبطالة والفقر، حيث إن 40 % من المصريين يعيشون عند أو تحت خط الفقر، كما يجب خلق 650 ألف فرصة عمل سنويا في مصر لاستيعاب العمالة الجديدة وليس لتقليص حجم البطالة القائمة.
ورغم نفي مبارك الذي دأب على رفض تعيين نائب ورفضه التكهنات القائلة إنه يعد نجله جمال لخلافته، فإن جمال -بحسب فايننشال تايمز- يستعد لخلافة والده رئيسا للبلاد.
واستعرضت الصحيفة عددا من الدلائل التي ترجح بقوة أن جمال هو رئيس مصر القادم من أبرزها أن قضية الخلافة طرحت نفسها مجددا خلال الشهور الأخيرة عندما تردد أن هناك خططا لحل البرلمان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فيما صعدت السلطات حملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين، أبرز تنظيم معارض.
كما أن التكهنات حول خلافة جمال لوالده ترجع إلى عقد مضى عندما بدأ يلعب دورا أكبر في الحزب الوطني الحاكم، وفي عام 2002 شكل لجنة السياسات التي باتت تلعب دورا كبيرا في الحزب.
واستطردت قائلة: "في الوقت الراهن لا يوجد في المشهد السياسي أحد غير جمال مبارك كخليفة محتمل لمبارك الأب، فصعوده في الحزب الحاكم وتركيز وسائل الإعلام الضوء عليه ترجح أن هناك محاولة لتحقيق إجماع حوله".
وفي هذا السياق، نسبت الصحيفة إلى د.عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية قوله: "منذ أيام محمد علي والمصريون يعرفون دائما من سيكون الحاكم المقبل.. فخلال العهد الملكي كان هناك ولي العهد وأثناء الجمهورية كان هناك نائب الرئيس".
أما النائب الأول للمرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون" د.محمد حبيب فعلق على تصريحات مبارك بقوله: "الترقي السريع لنجل الرئيس وتدخله في شئون الحكم، والإطلالة المستمرة والدائمة له في كل الوسائط والمنافذ الإعلامية، فضلا عن انقلابه على الدستور في 34 مادة منه، واستقباله في المحافظات والمدن المصرية المختلفة وكأنه رئيس للدولة، يؤكد أن مسألة التوريث تمضي بخطى متسارعة نحو نهايتها"، بحسب ما ذكرته صحيفة الوطن الكويتية في عددها الصادر اليوم الأربعاء.
ومتفقا مع حبيب، قال المعارض المصري والقيادي بحركة كفاية جورج إسحاق -بحسب الصحيفة الكويتية-: "لا يجب أن يخدعونا بكلام مرسل لا أساس له من الواقع، فعملية التوريث تتم بلا كلل، وكلام الرئيس مبارك حول رضا أو عدم رضا المؤسسة العسكرية عن الرئيس القادم لمصر ليس له أساس من الواقع، لأنه عندما حدثت وعكة صحية للرئيس قبل بضعة أعوام من قبل كان من الواضح سيطرة هذه المؤسسة على الموقف تماما".
وردا على مبرر الرئيس مبارك بأن الشعب هو الذي سيحدد رئيس المقبل، ترى العديد من قوى المعارضة أن الانتخابات الرئاسية التعددية، المقررة عام 2011 عقب انتهاء ولاية الرئيس حسني مبارك الخامسة، لن تضمن تكافؤ الفرص بين المرشحين، وأن النتيجة ستكون محسومة سلفا لجمال مبارك في حال خوضه الانتخابات كمرشح للحزب الحاكم، واصفين ما سيحدث بأنه سيكون" توريثا انتخابيا".
ومضى إسحاق يقول: "أعتقد أنه وسط هذا النظام الذي لا يمت للديمقراطية بصلة لا بد أن يكون للمؤسسة العسكرية دور مهم وكبير".
أما الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة "الدستور" المصرية المستقلة فقال في مقال نشر اليوم تعليقا على تصريح مبارك الذي قال فيه إنه لا يفكر في أن يكون جمال خليفة له: "هذه إجابة أخرى لا تحل ولا تربط، فهي قد تحل وتدعي أن قضية توريث الرئيس لابنه لا تدور في رأسه، ومن ثم خلصت الحكاية".
وأردف قائلا: "وقد تربط هذه الإجابة كذلك بأنه ما المانع أن تدخل ضمن تفكيره في أي لحظة؛ فالرئيس يقول إن ابنه لم يحدثه في هذا الموضوع، فهل هذا لأنه موضوع مفروغ منه، أم لأنهما لا يتصارحان سياسيا بالشكل الواجب، أم لأن جمال مبارك ابن مهذب لا يمكن أن يقول (لأبيه والنبي أنا عايز أقعد مكانك واعتزل وتنح من أجل خاطري)؟!".
وفي حالة عدم اختيار جمال مبارك -بحسب فايننشال تايمز- فإن القادم حتما سيكون من داخل الحزب أو المؤسسة العسكرية ولن يكون هناك تغيير سياسي أو اقتصادي في مصر كما سيتم الحفاظ على العلاقات مع أمريكا وإسرائيل كما هي.
واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة: "لكن السؤال الحقيقي المطروح على الساحة هو: هل تقبل المؤسسة العسكرية بجمال مبارك؟ مشيرة إلى أن بعض المحللين يرون أن المنافس الأرجح له سيكون عمر سليمان مدير المخابرات المصرية.
ولفتت إلى أن الرأي السائد هو أنه إذا لم ينقل مبارك السلطة في حياته فلن يحدث ذلك أبدا.

"سليمان" هو البديل الوحيد القابل للتطبيق في مواجهة "جمال مبارك"


جرائد العالم تواصل مناقشة موضوع "خلافة مبارك" وتطرح البدائل العملية "القابلة للتطبيق في مواجهة جمال مبارك"

الفورين بوليسي وبعد ان منحته لقب اقوي رجل مخابرات في الشرق الاوسط تصفه بأنه رجل مصر القوي القادم

الفورين بوليسي :في ظل مناخ سياسي لا يسمح بوجود بدائل اخري وبين شعب يريد التغيير يظهر اللواء "عمر سليمان" بقوة كبديل وحيد


صحبفة الفورين بوليسي الامريكية والتي كانت قد منحت السيد "عمر سليمان" لقب اقوي شخصية استخباراتية في العالم العربي عادت وبقوة تناقش وتحلل مستقبل ما هو قادم في مصر
"ايسندر امراني" اعد تقريرا جديدا متزامنا مع زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة الامريكية، التقرير الذي جاء تحت عنوان رجل مصر القوي القادم اشار الي ان الرئيس مبارك والذي يزور الولايات المتحدة في الفترة الحالية اصطحب معه مجموعة من الوزراء والمسئولين الا ان من بين كل هؤلاء هناك اثنين ينحصر بينهما خلافة اكثر الرجال حكما في منطقة الشرق الاوسط.

الاول هو "جمال مبارك" الشخص الذي صاحب ابيه في زيارته علي الرغم من انه لم يتمتع بأي صفة رسمية في الحكومة المصرية (فهو فقط امين مساعد بالحزب الوطني الحاكم)
اما الشخص الذي يحظي بمبرر اكثر في وجوده مع الرئيس مبارك هو السيد "عمر سليمان" رئيس جهاز المخابرات المصرية
كلا الشخصين وكما جاء في التقرير هما الاسمين الذين برزا في العشرة اعوام الاخيرة كمرشحين لخلافة مبارك، البالغ من العمر 81 عاما والذي لطاالما رفض ان يعين مستشارا له او صرح علنا بتفضيله لمن قد يخلفه

التكهنات التي اشارت الي "جمال مبارك" في العقد الاخير وخصوصا بعد صعوده السياسي المبكر دفع رموز المعارضة المصرية وقتها الي تشكيل ما يسمي حركة "كفاية" تلك الحركة الرافضة للتمديد والتوريث، الا انه يشير اغلب المصريين العارفين الي ان الرئيس القادم يجب ان يحظي بتاييد الجيش وان "عمر سليمان" هذا الرجل القوي هو المرشح الذي يملك ذلك.
هذه ليست تكهنات مشاعرية، ولكن المصريين يشعرون بالقلق من تكرار سيناريو توريث الحكم السوري في مصر والذي قد يدخل البلاد في حالة من عدم الاستقرار. الكثيرون يروا ان انتقال الحكم من الاب الي الابن في دولة مثل مصر والتي لطالما ارتدت عبأة القيادة العربية انما هو امر مشين ومذل لمصر، وفي هذه الاثناء وفي ظل مناخ سياسي لا يسمح بوجود بدائل اخري وبين شعب يريد التغيير يظهر اللواء "عمر سليمان" بقوة كبديل وحيد قابل للتطبيق للسيد جمال مبارك
ولكن يبقي السؤال الذي يطرحه كاتب التقرير حول من هو هذا الاعب القوي الغامض؟؟؟ وهل وجود عمر سليمان يعني وجود عهد جيد في مصر؟؟؟

اجاب كاتب التقرير بعد ذلك من خلال استعراض السيرة الذاتية للواء "عمر سليمان"، ففي البداية اشار الي ان حصوله علي الشهرة علي المستوي الوطني انما يرجع الي الجييش المصري الذي عمل به، فمدة عمله في الجيش المصري شهدت عدد من الاحداث السياسية المؤثرة التي مرت علي مصر بداية من تحالفها مع الاتحاد السوفيتي حيث كان في اكاديمية فرونزي بروسيا عام 1960- وذلك كما فعل مبارك- كما شارك ايضا في الحرب التي دارت بين العرب واسرائيل في الفترة من بين 1976 الي 1973 وحينما قامت مصر بنقل تحالفها لتصير حليف للولايات المتحدة الامريكية درس بأكاديمية كنيدي للحرب الخاصة بفورت براج ، ليصبح بعدها رئيسا لجهاز المخابرات المصرية

اما عن الحقيبة العسكرية فيشير كاتب التقرير الي ان جهاز المخابرات يجمع بين عناصر مهام جهاز الاستخبارات الاميريكي،و جهاز الاف بي اي، وواجبات حماية الاسرار الخاصة، والتمثيل السياسي الرفيع المستوي للدولة في الامور الخارجية
ويؤكد كاتب التقرير ان سليمان هو واحد من القلائل في مصر الذين يحملون رتبة عسكرية ومدنية في نفس الوقت الا انه قلما ما يحضر اجتماعات الحكومة علي الرغم من انه وزيرا

عادة كانت اسم رئيس جهاز المخابرات المصرية يعد سرا، الا ان بعد عام 2001 ومنذ ان بداء "سليمان" يمسك بمفاتيح مهام تقوم بها وزراة الخارجية بدأت صورته الوقورة واسمه يظهر في صحيفة الاهرام، وفي النصف العلوي المخصص عادة للرئيس مبارك، ومذ هذه اللحظة فان مهامه رفيعة المستوي قد حصلت علي تغطية واسعة، فلقد تدخل من اجل ايقاف الحرب الاهلية في السودان ومن اجل الوساطة بين العاهل السعودي والرئيس الليبي معمر القذافي، وتدخل من اجل وقف تدخل سوريا في الشئون الداخلية للبنان
والاكثر اهمية دورة في حل الملف الفلسطيني الاسرائيلي هذا الملف الذي يعد من اولويات الامن القومي المصري، فمنذ ان تولت حماس السلطة في عام 2007 لعبت مصر دور الوسيط بين حركتي حماس وفتح في محاولات للمصالحة بين الطرفين

تحدث الرئيس مبارك عن التوريث بصراحة.. فازداد الغموض



ابراهيم عيسي يكتب:


الرئيس مبارك يقول إنه لا يفكر في تجديد ترشيحه للرئاسة رغم أنه أعلن من قبل بقاءه حتي آخر نبضه فماذا نصدق؟


من اللافت للانتباه والتعجب أن حوارات الرئيس حسني مبارك مع الصحافة العالمية وخصوصا الأمريكية والإسرائيلية هي الأكثر صراحة ووضوحاً، هي الأوسع تناولاً لدقائق القرارات المصيرية في مصر، هي التي تتوغل داخل صناعة القرار عند الرئيس مبارك، وهي التي تتحصل منها علي حقائق تخص حياتنا أو حتي تلميحات وإشارات بما يدور في قصر الرئاسة وفي رأس الرئيس وهو ما يجعلنا نتأكد من أن:
1- الإعلام المصري الحكومي والخاص الذي يحاور مبارك إعلام إما ناقص للشجاعة والمهنية أو منافق مهمته التبخير للرئيس والتقديس له والتهدج بآيات حكمته وروعة منطوقه.. ومن هنا يصبح الحوار مرئياً أو مطبوعاً كلاماً لا يضيف ولا يحذف، لا يقدم ولا يؤخر، يسأل مذيع أو صحفي متلهف علي رضا الرئيس ومرعوب من غضبته ويجيب رئيس لا يري نفسه مطالباً بأن يقول شيئاً لهؤلاء المرؤوسين المنبهرين العابدين الراكعين (هل في هذه الصفات قسوة تجنح للعدوانية تجاه الإعلام المصري المتعامل مع الرئيس والمرضي عليه من سيادته ومن محيطي سيادته، ربما، لكن تأمل حوار الصحفي الأمريكي مع مبارك لتعرف الفارق بين هذا الإعلامي الواثق وهذا اللغو الذي يرتكبه إعلاميونا).
2- الرئيس صريح مع الإعلام الأجنبي ويخصه بما لا يقوله للإعلام المصري، فهل هذا يعني استخفافاً من الرئيس بإعلام دولته أم أنه اهتمام بالغ غير مبالغ فيه بإعلام الأجانب الذي يملك مفاتيح التأثير الضاغط والضغط المؤثر في صناع القرار في حكوماته وفي تشكيل الرأي العام في بلاده؛ فأول كلمة قالها الرئيس عن توريث ابنه ودوره في دائرة السلطة كان مع صحيفة إسبانية عام 2000 وأحدث ما قاله عن القضية ذاتها كان ما قاله مع تليفزيون أمريكي أمس فقط.
لكن المؤكد أن الحوار الذي يجريه الرئيس وهو في السنة الثامنة والعشرين من حكمه وفي العام الثاني بعد الثمانين من عمره يبدو أنه الأكثر صراحة أو تصارحًا دون ما يتحفظ أو يتحسب لردود فعل الناس علي ما قاله.
تعال للحوار الذي أجراه المذيع الأمريكي الشهير تشارلي روز مع الرئيس مبارك وسأنشر أسئلة الوضع الداخلي في مصر بترجمة وإذن خاص من وكالة أمريكا إن أرابيك. ونحاول أن نعلق عليها بأن نطرح السؤال ثم إجابة الرئيس ثم تعليقنا.
السؤال: هل تنتوي تجديد الفترة الرئاسية؟
الإجابة: لا أفكر في ذلك الآن.
السؤال: هل ستكون هذه هي آخر فترة رئاسية للرئيس مبارك؟
الإجابة: إن همي الأساسي هو إكمال البرنامج من أجل الشعب. لقد تقدمت ببرنامج في الحملة الانتخابية. وكل فقرات البرنامج تسير بشكل جيد جداً. هذا هو اهتمامي الرئيسي لا أن أجدد أو لا أجدد. لا أفكر في ذلك الآن.
التعليق:
هذه لحظة يتراجع فيها الرئيس بما يقلق ويثير الريبة في كل سطور الإجابة، نعم يتراجع عما قاله في بداية ولايته الخامسة حين قال إنه باق حتي آخر نبضة في قلبه، ويومها قلت: إننا لا يجب أن نأخذ وعود الرئيس باعتبارها وعودًا نهائية قاطعة، حيث وعدنا من قبل بأنه لن يستمر أكثر من ولايتين فاستمر خمسًا، وقال كثيراً مما لم يصر علي الاستمرار في قوله والتمسك بتنفيذه، فأن يأتي اليوم ويقول من أمريكا إنه لا يفكر في تجديد ترشيحه لنفسه فهو يفتح الباب بقوة لكل التكهنات التي ارتقت لمستوي المعلومات منذ فترة بأن جمال مبارك يدير خطة ضاغطة علي والده للتنحي وتسليمه منصب الرئاسة في انتخابات مزورة ومزيفة كالعادة، لها شكل الديمقراطية التافه والهش بأن يخترع مرشحين كومبارس يشاركون بأوامر أجهزة أمن الدولة من أحزاب أمناء الشرطة المسموح لها بأن تعمل في الساحة السياسية تحت رعاية ودعاية الحزب الوطني بأنها أحزاب معارضة وهي أحزاب ترفع النقطة عن ضادها بكل وضوح، إذن نحن أمام رئيس يقول لمواطنيه أنا لا أفكر في التجديد وساعتها لازم نسأل: مِنْ إمتي يا ريس؟ لم نسمع منك هذه الإجابة منذ 28عاما فها نحن نسمعها اليوم لما كبر جمال !
أعرف أن الرئيس يمكن بعد بكره يرجع في تصريحه ويقول إنه قاعد وح يرشح نفسه وقد لا يفعل، لكنه يفتح تأويلاً بلا نهاية لانفكاك صلابة مقاومة الرئيس لسيناريو التوريث ـ الذي كان أبرز معارضيه من وجهة نظري. ومازلت أعتقد أن الساحة المصرية لو رفعت صوتها رافضة لجمال مبارك وتوريثه الحكم فيمكن للرئيس أن يعاود مقاومة المشروع لكنه يري الآن من خلال إعلامه والمحيطين به ورموز دولته وشخصياته المقربة حالة تأييد وتدعيم لجمال مبارك، كأن مصر لاتنام قبل أن تطمئن علي نجل الرئيس وهو ما يجعل الرئيس من موقع الأب ومن موقع الحاكم الفرد صاحب الحكم الشمولي يري أنه لامانع مادام الناس عايزه والناس في مصر حالة من ثلاثة
1- صامتون مغلوب علي أمرهم وهم كثرة، شعارهم من الأبد: إللي يتجوز أمي أقوله يا عمي.. ولا مشكلة لديهم أن يتزوج جمال من أمهم الأرملة أو المطلقة فهم تعودوا علي ذلك بعرق الخنوع والعبودية الغارز أظافره في جينات المصريين منذ مماليك الأرمن والشركس الذين حكموهم.
2- منافقون يتلهفون للمنصب والنفوذ والتمحك بالدولة والقرفصة تحت أقدام النظام وهؤلاء يبذلون جهداً جباراً في كل الميادين لعرض خدماتهم وبوس الأيادي، وتجدهم علقوا اللافتات ووضعوا الصور وتجهزوا بالأشعار لأجل جمال مبارك استعداداً للعمل سفرجية في بلاط الحكم !
3- معارضون بعضهم مشتت وبعضهم مفتت وبعضهم في السجن وفي المحاكمات العسكرية وبعضهم يحارب طواحين الهواء وبعضهم هواء!
السؤال: «لكنهم يكتبون كتباً يؤلفونها الآن عن مصر بعد مبارك»؟
الإجابة: «أسمع.. أن هذا (مصر) بلد مستقر وسوف يبقي بلداً مستقراً بعد مبارك وحتي بعد الرجل الذي يأتي بعد مبارك».
السؤال: هل تريد لابنك أن يأتي مِنْ بعدك؟
الإجابة: «لم أثر هذا الموضوع مع ابني. ولا أفكر في أن يكون ابني خليفة لي. لقد بدأ حياته العملية في البنوك في بنك«أوف أمريكا» ثم بعد ذلك في لندن ثم رجع مصر.. لقد كان هو (أي جمال مبارك) ضد الانضمام للحزب (الوطني) وكان انضمامه فقط بعد فترة طويلة. ليس ضمن تفكيري أن يرثني ابني.. إنه قرار الشعب أن يختار من سيمثل الشعب. ليس لي أن أقرر ذلك. إنه قرار الشعب أن يختار الشخص الذي يثق فيه. فمن سيكون هذا الشخص.. حسنا أمامنا وقت طويل. أمامنا سنتان».
التعليق:
وهذه إجابة أخري لا تحل ولا تربط، فهي قد تحل وتدعي أن قضية توريث الرئيس لابنه لا تدور في رأسه ومن ثم خلصت الحكاية، وقد تربط كذلك بأنه ما المانع أن تدخل ضمن تفكيره في أي لحظة؛ فالرئيس يقول إن ابنه لم يحدثه في هذا الموضوع، فهل هذا لأنه موضوع مفروغ منه أم لأنهما لا يتصارحان سياسيا بالشكل الواجب أم لأن جمال مبارك ابن مهذب لا يمكن أن يقول «لأبيه والنبي أنا عايز أقعد مكانك واعتزل وتنح من أجل خاطري»؟! لكن الأخطر هنا أن يضيف الرئيس ما يعرف تماما أنه غير حقيقي ومن المؤسف أن مصر كلها تعرف أنه غير حقيقي وليس كلاماً صادقاً علي الإطلاق، فالشعب لا يقرر مَنْ سيأتي ومَنْ سيمثله يا سيادة الرئيس، وهنا مفصل القضية لو أصررتم علي أن الانتخابات مفتوحة ونزيهة وحرة، فهذا محض مخالفة للواقع وليست فيه نقطة علي حرف ولا فصلة في جملة صحيحة بل هو زيف تام متمم، فالانتخابات غير مفتوحة لكل المرشحين ولا هي حرة نزيهة والتزوير يركبها من عاليها لسافلها، ومن ثم فالشعب لا يختار في بلدنا بل الذي يختار هو سيادتك بتعليماتك للأمن والأجهزة، فلا تقل لنا أبدا إن الشعب هو الذي يختار فهو لم يقم بالاختيار في أي لحظة من حكم سيادتكم!
السؤال:ألن تحل البرلمان، ألن تحله قريبا؟
الإجابة: لا يمكنني القول إنني لن أحل البرلمان. قد تكون هناك بعض الظروف. لكن ليس هناك أي منها في هذه اللحظة، لكن قد تكون هناك ظروف تستوجب حل البرلمان. لكن في هذه اللحظة لا توجد نقطة واحدة تستحق حل البرلمان. يكون هذا لا محالة منه عندما تكون هناك حاجة ماسة فقط.
التعليق:
يدهشك متابعة الإعلام الأمريكي للتفاصيل اليومية لمجريات الحياة السياسية في بلدنا، وهو ما يشير إلي أن مصر مهمة فعلاً، وأن أمريكا في حاجة بالغة للاطمئنان علي النظام الحاكم لدينا، فهو الضابط لمصالحها والعامل علي ومع سياستها من هنا سؤال حل البرلمان تفصيلي ومثير للاهتمام، لكن إجابة الرئيس جاءت واضحة في استبعاد حل البرلمان، صحيح أن الرئيس لم يقل لنا الظروف التي تستوجب حله لكن علي الأقل نعرف أنه لا توجد نقطة من هذه الظروف التي لا نعرفها متوفرة حالياً، وهو الرئيس وحده الذي سيعرف متي تتوفر وسيتصرف.
السؤال: كُتب الكثير عن حقيقة أن الانتخابات.. الانتخابات الأخيرة، التي كان فيها عدد كبير من المرشحين.. أنك منذ ذلك الحين تحركت وقمت باتخاذ إجراءات قمعية بحق الإخوان المسلمين؟
الإجابة: «دع أحدا يقرأ الدستور المصري لك، والتعديلات التي قمنا بإدخالها عليه. هؤلاء الناس الذين تتحدث عنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي لأن دستورنا يؤكد ويشترط أنه لن يكون هناك حزب سياسي مبنيا علي أساس ديني. إنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي، وهذا جزء لا يتجزأ من الدستور كما تم تعديله بواسطة الشعب، لكن الإخوان المسلمين موجودون كإخوان مسلمين.. كأفراد من الإخوان المسلمين داخل البرلمان. لدينا حوالي 80 منهم».
التعليق:
لكن الرئيس في إجابته لم ينف إطلاقا أنه قام بإجراءات قمعية وحتي لو نفي فسيكون نفياً غير حقيقي، فالمطاردات الهائلة للإخوان وتحويلهم للقضاء العسكري واعتقالاتهم المتكررة والمستمرة، هي إجراءات قمعية وقهر أمني يُعبِّر عن دولة بوليسية يدير فيها البوليس السياسة وتتعسكر فيها قاعات المحاكم حين الحاجة إليها ضد الإخوان المسلمين الذين تثبت كل قضاياهم أن المحاكم المدنية تنصفهم وتحكم لصالحهم وتبرئهم من اتهامات الدولة وتلفيقاتها بينما تقضي ضدهم المحاكم العسكرية، أما حكاية الحزب السياسي فهي إجابة تستحق وقفة مع الرئيس، فالحقيقة أنه مع نشر هذا الحوار في الولايات المتحدة كانت لجنة أحزاب الرئيس ترفض حزب الوسط الذي يتصدر مؤسسيه رجال من أشرف وأنبل السياسيين في مصر، وهو أبعد ما يكون عن الحزب علي أساس ديني ومع ذلك رفضته لجنة الأحزاب الحكومية، وهو ما يؤكد أن الإخوان لو عملوا حزبا دينياً أو علمانياً أو حتي كافرا فلن يسمح لهم الرئيس ونظامه.. والرئيس يتحدث كأن أي واحد في مصر ممكن يعمل حزبا وتوافق عليه الدولة، بينما الأحزاب إنما تخرج من رحم جهاز أمن الدولة أو بتوافق بين الدولة وبعض السياسيين الذين تتصور الدولة أن وجودهم يضفي شكلاً من الديمقراطية علي مشهد الحكم البوليسي، يا سيدي لو خرج الإخوان أو غيرهم لتكوين حزب حقيقي وجماهيري فسوف ترفضه لجنة أحزابكم الميمونة، والأمر لا علاقة له بالديني أو العلماني أو المدني، الأمر له علاقة وحيدة بالمباحث! لكن الثابت أن لغة الرئيس ولهجة إجابته عن الإخوان تحمل كراهية واضحة وحاسمة، والحقيقة أن يدير رجل الدولة سياسته بمشاعره حباً أو كراهية مسألة مقلقة أرجو أن يكون الرئيس مبارك بعيداً عنها بقدر ما نتمني ونرجو.
السؤال: هل تخشي الإخوان المسلمين أو تقلق من ارتباطهم بحركة حماس أو المتطرفين الإسلاميين الآخرين؟
الإجابة: «أعلم أن لديهم بعض الارتباطات معهم، لديهم ارتباطات بحماس، ولديهم ارتباطات بحزب الله، وهذا كله معروف، ولديهم ارتباطات بالعديد من المنظمات، ولديهم ارتباطات بأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين الدولية التي تتخذ من جنيف وأماكن أخري مقراً لها، لكننا نستطيع احتواء كل هذا».
التعليق:
هل الاحتواء الذي يتحدث عنه الرئيس مبارك هو احتواء سياسي أم احتواء أمني بوليسي؟ ثم ارتباطهم بحماس أو حزب الله أو التنظيم الدولي ليس في حاجة لمعلومات ولا معرفة، فهو أمر يعلمه الجميع ويعلنه الإخوان أنفسهم ثم هو موضع فخر للإخوان ولا أعرف فعلا ما الذي يشمله من سوء أو خطأ أو جريمة أو ما المانع في أن يكون هناك هذا الارتباط؟!
السؤال: هل تعتقد أن وجود الإخوان المسلمين «في صالح مصر»؟
الإجابة: «طالما لم يرتكبوا أي جرائم إرهابية، فالأمر لا يهمني».
التعليق:
الحقيقة لابد من شكر الرئيس بقوة في إجابته عن هذا السؤال، فهو فخ يكاد يطلب الرجل من الرئيس الحكم علي وجود أو إفناء تيار سياسي، أعضاؤه بعشرات الآلاف في مصر، فإذا كانوا في غير مصلحة مصر فالأمر يعني الإقصاء والمطاردة والاتهام بالخيانة أو عدم الوطنية أو الإضرار بالوطن، وقد نجح الرئيس بحكمة في تجنب الانجرار للحكم علي وطنية مصريين فلم يجب بأن وجودهم لصالح مصر أو في غير ذلك لكنه تحدث عن «طالما لم يرتكبوا حوادث إرهابية»، والمهم أن الإخوان لم يرتكبوا حوادث إرهابية منذ عام 1965 ومع ذلك لا الرئيس ولا الدولة تغفر لهم إرهاباً من جناح داخلهم ندموا عليه وتبرأوا منه منذ 44 عاماً، بينما ترحب وتدلل وتحتوي الجماعات الإسلامية التي ارتكبت عمليات إرهابية وتابت منذ عشر سنوات فقط، هل لأن الإخوان يعملون بالسياسة أما الجماعة الإسلامية فلا تعمل في أي شيء بما فيه فتح دكانة إلا بإذن أمن الدولة (لا أقول أمراً لكن أقول إذناً).
السؤال: «تاريخ مصر خلال السنوات الـ28 الأخيرة هو تاريخ رجل واحد، هو حسني مبارك، هذا هو تاريخ مصر، فما تركتك؟ ما الذي تفخر به؟ ما الذي سيقولونه عنك عندما تغادر»؟
الإجابة: «ما سأتركه ورائي هو أنني ظللت أعمل في الخدمة العامة طوال 60 عاما. لقد شاركت وشهدت تحركات. وأعدت بناء البلد بعد العمل العسكري، وقمنا بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر، ونحن نقوم بتحسين التعليم، ونقوم بتوسيع التعليم، ونبني جامعات، ونقوم بأشياء كثيرة أخري».
التعليق:
سيدي الرئيس هل من الممكن ألا تتحمس كثيراً في كلامك عن إنجاز البنية التحتية ، يجوز أنك فعلاً جددتها عام 28 عامًا، لكننا الآن عام 2009 والناس تشرب لا مؤاخذه من مياه المجاري وتروي الأراضي الزراعية من مياه المجاري ومصر تشهد أسوأ نسبة تلوث مياه في العالم، كما أن تلوث الخضراوات والفاكهة والمحاصيل الزراعية مذهل، مصر مسممة بالبطيء يا سيادة الرئيس وبنيتكم الأساسية دمرت البنية التحتية لصحة وبدن وروح المواطن المصري، فأرجوك كن أقل حماسا في هذا الخصوص خصوصا!
السؤال: هل ستكون مصر آمنة إذا غادرت؟
الإجابة: «مصر دولة كبيرة. مصر لديها دستور، والدستور يوضح دور كل واحد ودور الجميع، ولا يمكن لأحد أن ينتهك الدستور.لكن لو كانت مصر دولة رجل أوحد كما قلت أو كما يقال، لما استطعت أن أحقق أي شيء، أعمل بمساعدة المؤسسات ومساعدة البرلمان، فالبرلمان قوي إلي حد ما الآن. يمكنه أن يقيل حكومة.. يمكنه أن يغير الميزانية من الطريقة التي تقررها الحكومة إلي الطريقة التي يقررها البرلمان. عدلنا 34 مادة في الدستور وهذا أمر غير مسبوق».
التعليق:
يتحدث الرئيس عن تعديل أربعة وثلاثين مادة في الدستور بمنتهي الفخر بينما لم يقل إن معظم هذه المواد كانت تتحدث عن الاشتراكية - نظام الدولة، ثم ماذا عن المادة 76 التي كان تعديلها عارا وشنارا علي كل من شارك في صياغتها، وهي أطول مادة في دستور أي دولة في العالم، فضلاً عن أنها تفصيل من ترزية علي مقاس ابن الرئيس وهو ما ينفي عنها أي بصيص من تبجيل وتقدير، ثم ماذا عن المادة التي لم تتغير وهي المادة 77 التي تترك الرئيس يحكم مدي الحياة في احتكار أبدي وسرمدي للسلطة، ووقفت مع رجالك ضد تعديل هذه المادة كأنك تدافع عن مستقبل الديكتاتورية والحكم المطلق في مصر، ثم يدع الرئيس الكلام عن الاستفتاء الخاص بهذه التعديلات ونسبة المشاركة فيه والتزوير الفاضح والعلني له فهي تعديلات مفروضة بقوة الاستبداد والتزوير وليست بإرادة الأمة والشعب.
السؤال: سيدي الرئيس، مع احترامي، يقول كثيرون إنه لن يكون هناك قائد لمصر غير مقبول من الجيش، كما كنت أنت، وكما كان (الرئيس السابق) أنور السادات، وكما كان الرئيس ناصر، جميعكم تتبعون التقاليد نفسها، تقاليد الضباط الأحرار، وهذا لم يتغير في مصر، وأنت تعلم هذا، وأنا أعلم هذا؟
الإجابة: «هذا الأمر ربما.. يمكن أن يتغير بعد ذلك. هذا ربما يتغير. لا أحد يعرف من سينجح، فنحن لدينا انتخابات، وعندما يأتي الوقت للانتخابات، سيصوت الناس. ناصر كان ضابطا في الجيش، والسادات كان ضابطا في الجيش، وأنا ظللت في الجيش والقوات المسلحة حتي وصلت إلي أعلي منصب، وشهدت التحرك في أكتوبر، وتم تقليدي أرفع الأوسمة علي أعلي المستويات، وهذه ليست نقطة سلبية. لقد عملت نائبا للرئيس وقمت بالعديد من الجهود طوال ست سنوات كنائب للرئيس، ثم توليت منصب الرئيس».
السؤال: نعم هذه النقطة التي أعنيها، وهي أنه لن يصبح هناك رئيس لمصر غير مقبول من الجيش؟
> الرئيس يقول: إن الناس سوف تحدد مَنْ الذي يخلفه في الرئاسة.. ونحن نسأل: إزاي وكل انتخاباتكم مزورة؟! > قال الرئيس: سأترك ورائي أني قمت بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر.. لكن الحقيقة أنك جددتها منذ 28 عامًا والآن الناس تشرب «لامؤاخذه» مياه المجاري الإجابة: «لا، لا، لا.. لا أوافق علي هذه العبارة».
التعليق:
لا تعليق وإن كنت أريد أن أسأل: هل الرئيس لا يوافق علي هذه العبارة لأنها غير صحيحة أم لأنها صحيحة؟!

"المصريون يبحثون عن خيوط حول خطة رئيسهم"


في تقرير جديد نشرته جريدة النيورك تايمز حول مستقبل الحكم في مصر :

اسامة الغزالي حرب: "اللحظة الحالية هي لحظة غير عادية بالنسبة للجميع الذين يتسألون عن ماذا سوف يحدث يعد مبارك"

والجريدة تؤكد : " الامر محصور بين شخصين فقط، اولهم جمال مبارك نجل الرئيس، والثاني هو السيد عمر سليمان رئيس جهاز الاستخبارات المصرية"

" الناس في حالة تخوف من ان يجدوا البلاد تدخل في مرحلة انتخابات مفاجئة"

"المصريون يبحثون عن خيوط حول خطة رئيسهم" هذا هو عنوان التقريرالذي نشرته جريدة النيويورك تيمز حول مستقبل الحكم في مصر، فلقد اشارت الجريدة وفي تقريرها الصادر منذ عدة ايام عن ان الرئيس مبارك الذي اصابه حالة من الضعف في الفترة الاخيرة، قامت حكومته بتوجه عدد من الضربات لجماعة الاخوان المسلمين وذلك في ظل تقارير مؤكدة نشرتها عدد من وسائل الاعلام – والتي يحكم النظام المصري سيطرته وقبضته عليها- اثارت تكهنات جديدة حول ما اذا كان الرئيس مبارك سيتنحي من منصبه ام لا ، وان كان نعم فمن سيخلفه؟؟؟

في بداية التقرير اشارت الصحيفة الي ان الرئيس مبارك والبالغ من العمر 81 عاما والذي تولي الحكم منذ 28 عاما تقريبا لم يعطي اي اشارات حول نيته للتقاعد. بينما اشار المقربين منه الي انه سوف يترشح في دورة قادمة وذلك عقب اتهاء فترة ولايته الحالية والتي سوف تنتهي في عام 2011، علي الرغم من مظهرة الذي بدي في الايام الاخيرة شاحبا وفي صحة معتلة. وقد بدي ذلك واضحا خصوصا اثناء زيارة الرئيس باراك اوباما الاخيرة لمصر وذلك كما اشار عدد من المعلقين المحليين.

"قوانين الطبيعة تقودنا الي لحظة لا يمكن ان تتأخر، دافعة ايانا الي النقاش حول موضوع البدائل" هكذا كتب حسام عبد البصير في جريدة الوفد المصرية اليومية وهكذا استدلت الجريدة مشيرة الي ان الحديث عن من سيخلف مبارك كان عادة من التابوهات ولكن الاحداث الاخيرة دفعت الموضوع الي ان يطفو علي السطح مجددا.

فعلي مدار الشهران الاخيران، اكثر من 130 عضو في جماعة الاخوان المسلميين الي جانب ثلاثة من كبار قادة الجماعة تم القاء القبض علهم واتهامهم بتهمة الاننتماء الي تنظيم دولي، محللة الجريدة هذا التصرف بان تلك الضربات تستهدف بلاساس تحييد الجماعة في قضية الخلافة في حالة ان كان الرئيس مبارك معتلا او في حالة تنحيه او وفاته وخصوصا مع القاء القبض علي عبد المنعم ابو الفتوح القيادي الاخواني وعضو مكتب الارشاد بالجماعة والامين العام لاتحاد الاطباء العرب.

الصحيفة لم تغفل في تناولها التسأولات التي طرحت في نفس الوقت عن التحركات التي يقودها جناح داخل الحزب الوطني من اجل استصدار قرار رئاسي بحل مجلس الشعب رابطة ذلك بصورة مباشرة بموضوع خلافة مبارك

اما عن الاحتمالات التي وضعها كاتب التقرير حول من سوف يخلف مبارك فلقد حصرت الامر بين شخصين فقط، اولهم جمال مبارك نجل الرئيس، والثاني هو السيد عمر سليمان رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، واستشهد كاتب التقرير بما قاله احد المشئوليين الحكوميين" بأنه من الصعب التنباء الان بمن في الجناحيين سوف يحظي بدعم المؤسسة العسكرية "، الصحيفة نقلت ايضا عن الدكتور اسامة الغزالي حرب" عضو الحزب الوطني الاسبق واحد اقطاب المعارضة الحاليين قوله "اللحظة الحالية هي لحظة غير عادية بالنسبة للجميع الذين يتسألون عن ماذا سوف يحدث يعد مبارك"

التقرير ركز وبشدة علي الحالة الصحية للرئيس مبارك والتي باتت محل للتساول مرة اخري وذلك بعد ان تناولها احد الصحفيين من قبل في عام 2007 والذي تم توجيه اليه تهمة تدمير الاقتصاد القومي، الا ان الامر عاد ليطرح نفسه من جديد ولكن الامر هذه المرة له جذوره فمبارك الذي اصيب بصدمة عقب وفاة حفيدة امتنع عن الظهور في وسائل الاعلام لمدة تزيد عن اسبوعان، وقد بدا ذلك واضحا وبشدة في زيارة الرئيس اوباما لمصر، فمبارك لم يذهب الي المطار لاستقباله كما انه لم ينزل درجات سلم الشرفة للترحيب به عند وصوله ولكنه انتظر صعود اوباما اليه..

"الناس في حالة تخوف من ان يجدوا البلاد تدخل في مرحلة انتخابات مفاجئة، وخصوصا ان مبارك البالغ من العمر 81 عاما، لا يبدوا في حالة صحية جيدة" هكذا كان تصريح احد المحللين السياسيين للجريدة، والذي طلب من كاتب التقرير الا يشير الي اسمه خشية ان يتعرض للنيل منه.

علي جانب اخر تناولت الصحيفة رفض الرئيس مبارك تعيين نائب له، موضحة انه في حالة وفاة مبارك فأن رئيس مجلس الشعب سوف يتولي الحكم الي ان يتم اجراء انتخابات رئاسية شكلية يتم من خلالها انزال مرشح الحزب الوطني خصوصا مع غياب احزاب حقيقية عن الساحة، الا ان جمال مبارك وعلي الرغم من وضعه القوي داخل الحزب الوطني الا انه غير مضمون ان يحظي بدعم المؤسسة العسكرية. هكذا اشار عدد من المحلليين السياسيين

وفي نهاية التقرير اشار كاتب التقرير الي تصريحات الدكتور مصطفي كمال السيد استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية التي ادلي بها للجريدة والتي اشار فيها الي ان" النظام المصري هو نظام فردي الي اقصي درجة، حيث تلعب شخصية الرئيس دورا هاما جدا، مؤكدا ان اختيار الرئيس يكون من خلال مجموعة ضيقة جدا، وقد يكون قرار فردي يصنعه الرئيس نفسه"