ابراهيم عيسي يكتب:
الرئيس مبارك يقول إنه لا يفكر في تجديد ترشيحه للرئاسة رغم أنه أعلن من قبل بقاءه حتي آخر نبضه فماذا نصدق؟
من اللافت للانتباه والتعجب أن حوارات الرئيس حسني مبارك مع الصحافة العالمية وخصوصا الأمريكية والإسرائيلية هي الأكثر صراحة ووضوحاً، هي الأوسع تناولاً لدقائق القرارات المصيرية في مصر، هي التي تتوغل داخل صناعة القرار عند الرئيس مبارك، وهي التي تتحصل منها علي حقائق تخص حياتنا أو حتي تلميحات وإشارات بما يدور في قصر الرئاسة وفي رأس الرئيس وهو ما يجعلنا نتأكد من أن:
1- الإعلام المصري الحكومي والخاص الذي يحاور مبارك إعلام إما ناقص للشجاعة والمهنية أو منافق مهمته التبخير للرئيس والتقديس له والتهدج بآيات حكمته وروعة منطوقه.. ومن هنا يصبح الحوار مرئياً أو مطبوعاً كلاماً لا يضيف ولا يحذف، لا يقدم ولا يؤخر، يسأل مذيع أو صحفي متلهف علي رضا الرئيس ومرعوب من غضبته ويجيب رئيس لا يري نفسه مطالباً بأن يقول شيئاً لهؤلاء المرؤوسين المنبهرين العابدين الراكعين (هل في هذه الصفات قسوة تجنح للعدوانية تجاه الإعلام المصري المتعامل مع الرئيس والمرضي عليه من سيادته ومن محيطي سيادته، ربما، لكن تأمل حوار الصحفي الأمريكي مع مبارك لتعرف الفارق بين هذا الإعلامي الواثق وهذا اللغو الذي يرتكبه إعلاميونا).
2- الرئيس صريح مع الإعلام الأجنبي ويخصه بما لا يقوله للإعلام المصري، فهل هذا يعني استخفافاً من الرئيس بإعلام دولته أم أنه اهتمام بالغ غير مبالغ فيه بإعلام الأجانب الذي يملك مفاتيح التأثير الضاغط والضغط المؤثر في صناع القرار في حكوماته وفي تشكيل الرأي العام في بلاده؛ فأول كلمة قالها الرئيس عن توريث ابنه ودوره في دائرة السلطة كان مع صحيفة إسبانية عام 2000 وأحدث ما قاله عن القضية ذاتها كان ما قاله مع تليفزيون أمريكي أمس فقط.
لكن المؤكد أن الحوار الذي يجريه الرئيس وهو في السنة الثامنة والعشرين من حكمه وفي العام الثاني بعد الثمانين من عمره يبدو أنه الأكثر صراحة أو تصارحًا دون ما يتحفظ أو يتحسب لردود فعل الناس علي ما قاله.
تعال للحوار الذي أجراه المذيع الأمريكي الشهير تشارلي روز مع الرئيس مبارك وسأنشر أسئلة الوضع الداخلي في مصر بترجمة وإذن خاص من وكالة أمريكا إن أرابيك. ونحاول أن نعلق عليها بأن نطرح السؤال ثم إجابة الرئيس ثم تعليقنا.
السؤال: هل تنتوي تجديد الفترة الرئاسية؟
الإجابة: لا أفكر في ذلك الآن.
السؤال: هل ستكون هذه هي آخر فترة رئاسية للرئيس مبارك؟
الإجابة: إن همي الأساسي هو إكمال البرنامج من أجل الشعب. لقد تقدمت ببرنامج في الحملة الانتخابية. وكل فقرات البرنامج تسير بشكل جيد جداً. هذا هو اهتمامي الرئيسي لا أن أجدد أو لا أجدد. لا أفكر في ذلك الآن.
التعليق:
هذه لحظة يتراجع فيها الرئيس بما يقلق ويثير الريبة في كل سطور الإجابة، نعم يتراجع عما قاله في بداية ولايته الخامسة حين قال إنه باق حتي آخر نبضة في قلبه، ويومها قلت: إننا لا يجب أن نأخذ وعود الرئيس باعتبارها وعودًا نهائية قاطعة، حيث وعدنا من قبل بأنه لن يستمر أكثر من ولايتين فاستمر خمسًا، وقال كثيراً مما لم يصر علي الاستمرار في قوله والتمسك بتنفيذه، فأن يأتي اليوم ويقول من أمريكا إنه لا يفكر في تجديد ترشيحه لنفسه فهو يفتح الباب بقوة لكل التكهنات التي ارتقت لمستوي المعلومات منذ فترة بأن جمال مبارك يدير خطة ضاغطة علي والده للتنحي وتسليمه منصب الرئاسة في انتخابات مزورة ومزيفة كالعادة، لها شكل الديمقراطية التافه والهش بأن يخترع مرشحين كومبارس يشاركون بأوامر أجهزة أمن الدولة من أحزاب أمناء الشرطة المسموح لها بأن تعمل في الساحة السياسية تحت رعاية ودعاية الحزب الوطني بأنها أحزاب معارضة وهي أحزاب ترفع النقطة عن ضادها بكل وضوح، إذن نحن أمام رئيس يقول لمواطنيه أنا لا أفكر في التجديد وساعتها لازم نسأل: مِنْ إمتي يا ريس؟ لم نسمع منك هذه الإجابة منذ 28عاما فها نحن نسمعها اليوم لما كبر جمال !
أعرف أن الرئيس يمكن بعد بكره يرجع في تصريحه ويقول إنه قاعد وح يرشح نفسه وقد لا يفعل، لكنه يفتح تأويلاً بلا نهاية لانفكاك صلابة مقاومة الرئيس لسيناريو التوريث ـ الذي كان أبرز معارضيه من وجهة نظري. ومازلت أعتقد أن الساحة المصرية لو رفعت صوتها رافضة لجمال مبارك وتوريثه الحكم فيمكن للرئيس أن يعاود مقاومة المشروع لكنه يري الآن من خلال إعلامه والمحيطين به ورموز دولته وشخصياته المقربة حالة تأييد وتدعيم لجمال مبارك، كأن مصر لاتنام قبل أن تطمئن علي نجل الرئيس وهو ما يجعل الرئيس من موقع الأب ومن موقع الحاكم الفرد صاحب الحكم الشمولي يري أنه لامانع مادام الناس عايزه والناس في مصر حالة من ثلاثة
1- صامتون مغلوب علي أمرهم وهم كثرة، شعارهم من الأبد: إللي يتجوز أمي أقوله يا عمي.. ولا مشكلة لديهم أن يتزوج جمال من أمهم الأرملة أو المطلقة فهم تعودوا علي ذلك بعرق الخنوع والعبودية الغارز أظافره في جينات المصريين منذ مماليك الأرمن والشركس الذين حكموهم.
2- منافقون يتلهفون للمنصب والنفوذ والتمحك بالدولة والقرفصة تحت أقدام النظام وهؤلاء يبذلون جهداً جباراً في كل الميادين لعرض خدماتهم وبوس الأيادي، وتجدهم علقوا اللافتات ووضعوا الصور وتجهزوا بالأشعار لأجل جمال مبارك استعداداً للعمل سفرجية في بلاط الحكم !
3- معارضون بعضهم مشتت وبعضهم مفتت وبعضهم في السجن وفي المحاكمات العسكرية وبعضهم يحارب طواحين الهواء وبعضهم هواء!
السؤال: «لكنهم يكتبون كتباً يؤلفونها الآن عن مصر بعد مبارك»؟
الإجابة: «أسمع.. أن هذا (مصر) بلد مستقر وسوف يبقي بلداً مستقراً بعد مبارك وحتي بعد الرجل الذي يأتي بعد مبارك».
السؤال: هل تريد لابنك أن يأتي مِنْ بعدك؟
الإجابة: «لم أثر هذا الموضوع مع ابني. ولا أفكر في أن يكون ابني خليفة لي. لقد بدأ حياته العملية في البنوك في بنك«أوف أمريكا» ثم بعد ذلك في لندن ثم رجع مصر.. لقد كان هو (أي جمال مبارك) ضد الانضمام للحزب (الوطني) وكان انضمامه فقط بعد فترة طويلة. ليس ضمن تفكيري أن يرثني ابني.. إنه قرار الشعب أن يختار من سيمثل الشعب. ليس لي أن أقرر ذلك. إنه قرار الشعب أن يختار الشخص الذي يثق فيه. فمن سيكون هذا الشخص.. حسنا أمامنا وقت طويل. أمامنا سنتان».
التعليق:
وهذه إجابة أخري لا تحل ولا تربط، فهي قد تحل وتدعي أن قضية توريث الرئيس لابنه لا تدور في رأسه ومن ثم خلصت الحكاية، وقد تربط كذلك بأنه ما المانع أن تدخل ضمن تفكيره في أي لحظة؛ فالرئيس يقول إن ابنه لم يحدثه في هذا الموضوع، فهل هذا لأنه موضوع مفروغ منه أم لأنهما لا يتصارحان سياسيا بالشكل الواجب أم لأن جمال مبارك ابن مهذب لا يمكن أن يقول «لأبيه والنبي أنا عايز أقعد مكانك واعتزل وتنح من أجل خاطري»؟! لكن الأخطر هنا أن يضيف الرئيس ما يعرف تماما أنه غير حقيقي ومن المؤسف أن مصر كلها تعرف أنه غير حقيقي وليس كلاماً صادقاً علي الإطلاق، فالشعب لا يقرر مَنْ سيأتي ومَنْ سيمثله يا سيادة الرئيس، وهنا مفصل القضية لو أصررتم علي أن الانتخابات مفتوحة ونزيهة وحرة، فهذا محض مخالفة للواقع وليست فيه نقطة علي حرف ولا فصلة في جملة صحيحة بل هو زيف تام متمم، فالانتخابات غير مفتوحة لكل المرشحين ولا هي حرة نزيهة والتزوير يركبها من عاليها لسافلها، ومن ثم فالشعب لا يختار في بلدنا بل الذي يختار هو سيادتك بتعليماتك للأمن والأجهزة، فلا تقل لنا أبدا إن الشعب هو الذي يختار فهو لم يقم بالاختيار في أي لحظة من حكم سيادتكم!
السؤال:ألن تحل البرلمان، ألن تحله قريبا؟
الإجابة: لا يمكنني القول إنني لن أحل البرلمان. قد تكون هناك بعض الظروف. لكن ليس هناك أي منها في هذه اللحظة، لكن قد تكون هناك ظروف تستوجب حل البرلمان. لكن في هذه اللحظة لا توجد نقطة واحدة تستحق حل البرلمان. يكون هذا لا محالة منه عندما تكون هناك حاجة ماسة فقط.
التعليق:
يدهشك متابعة الإعلام الأمريكي للتفاصيل اليومية لمجريات الحياة السياسية في بلدنا، وهو ما يشير إلي أن مصر مهمة فعلاً، وأن أمريكا في حاجة بالغة للاطمئنان علي النظام الحاكم لدينا، فهو الضابط لمصالحها والعامل علي ومع سياستها من هنا سؤال حل البرلمان تفصيلي ومثير للاهتمام، لكن إجابة الرئيس جاءت واضحة في استبعاد حل البرلمان، صحيح أن الرئيس لم يقل لنا الظروف التي تستوجب حله لكن علي الأقل نعرف أنه لا توجد نقطة من هذه الظروف التي لا نعرفها متوفرة حالياً، وهو الرئيس وحده الذي سيعرف متي تتوفر وسيتصرف.
السؤال: كُتب الكثير عن حقيقة أن الانتخابات.. الانتخابات الأخيرة، التي كان فيها عدد كبير من المرشحين.. أنك منذ ذلك الحين تحركت وقمت باتخاذ إجراءات قمعية بحق الإخوان المسلمين؟
الإجابة: «دع أحدا يقرأ الدستور المصري لك، والتعديلات التي قمنا بإدخالها عليه. هؤلاء الناس الذين تتحدث عنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي لأن دستورنا يؤكد ويشترط أنه لن يكون هناك حزب سياسي مبنيا علي أساس ديني. إنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي، وهذا جزء لا يتجزأ من الدستور كما تم تعديله بواسطة الشعب، لكن الإخوان المسلمين موجودون كإخوان مسلمين.. كأفراد من الإخوان المسلمين داخل البرلمان. لدينا حوالي 80 منهم».
التعليق:
لكن الرئيس في إجابته لم ينف إطلاقا أنه قام بإجراءات قمعية وحتي لو نفي فسيكون نفياً غير حقيقي، فالمطاردات الهائلة للإخوان وتحويلهم للقضاء العسكري واعتقالاتهم المتكررة والمستمرة، هي إجراءات قمعية وقهر أمني يُعبِّر عن دولة بوليسية يدير فيها البوليس السياسة وتتعسكر فيها قاعات المحاكم حين الحاجة إليها ضد الإخوان المسلمين الذين تثبت كل قضاياهم أن المحاكم المدنية تنصفهم وتحكم لصالحهم وتبرئهم من اتهامات الدولة وتلفيقاتها بينما تقضي ضدهم المحاكم العسكرية، أما حكاية الحزب السياسي فهي إجابة تستحق وقفة مع الرئيس، فالحقيقة أنه مع نشر هذا الحوار في الولايات المتحدة كانت لجنة أحزاب الرئيس ترفض حزب الوسط الذي يتصدر مؤسسيه رجال من أشرف وأنبل السياسيين في مصر، وهو أبعد ما يكون عن الحزب علي أساس ديني ومع ذلك رفضته لجنة الأحزاب الحكومية، وهو ما يؤكد أن الإخوان لو عملوا حزبا دينياً أو علمانياً أو حتي كافرا فلن يسمح لهم الرئيس ونظامه.. والرئيس يتحدث كأن أي واحد في مصر ممكن يعمل حزبا وتوافق عليه الدولة، بينما الأحزاب إنما تخرج من رحم جهاز أمن الدولة أو بتوافق بين الدولة وبعض السياسيين الذين تتصور الدولة أن وجودهم يضفي شكلاً من الديمقراطية علي مشهد الحكم البوليسي، يا سيدي لو خرج الإخوان أو غيرهم لتكوين حزب حقيقي وجماهيري فسوف ترفضه لجنة أحزابكم الميمونة، والأمر لا علاقة له بالديني أو العلماني أو المدني، الأمر له علاقة وحيدة بالمباحث! لكن الثابت أن لغة الرئيس ولهجة إجابته عن الإخوان تحمل كراهية واضحة وحاسمة، والحقيقة أن يدير رجل الدولة سياسته بمشاعره حباً أو كراهية مسألة مقلقة أرجو أن يكون الرئيس مبارك بعيداً عنها بقدر ما نتمني ونرجو.
السؤال: هل تخشي الإخوان المسلمين أو تقلق من ارتباطهم بحركة حماس أو المتطرفين الإسلاميين الآخرين؟
الإجابة: «أعلم أن لديهم بعض الارتباطات معهم، لديهم ارتباطات بحماس، ولديهم ارتباطات بحزب الله، وهذا كله معروف، ولديهم ارتباطات بالعديد من المنظمات، ولديهم ارتباطات بأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين الدولية التي تتخذ من جنيف وأماكن أخري مقراً لها، لكننا نستطيع احتواء كل هذا».
التعليق:
هل الاحتواء الذي يتحدث عنه الرئيس مبارك هو احتواء سياسي أم احتواء أمني بوليسي؟ ثم ارتباطهم بحماس أو حزب الله أو التنظيم الدولي ليس في حاجة لمعلومات ولا معرفة، فهو أمر يعلمه الجميع ويعلنه الإخوان أنفسهم ثم هو موضع فخر للإخوان ولا أعرف فعلا ما الذي يشمله من سوء أو خطأ أو جريمة أو ما المانع في أن يكون هناك هذا الارتباط؟!
السؤال: هل تعتقد أن وجود الإخوان المسلمين «في صالح مصر»؟
الإجابة: «طالما لم يرتكبوا أي جرائم إرهابية، فالأمر لا يهمني».
التعليق:
الحقيقة لابد من شكر الرئيس بقوة في إجابته عن هذا السؤال، فهو فخ يكاد يطلب الرجل من الرئيس الحكم علي وجود أو إفناء تيار سياسي، أعضاؤه بعشرات الآلاف في مصر، فإذا كانوا في غير مصلحة مصر فالأمر يعني الإقصاء والمطاردة والاتهام بالخيانة أو عدم الوطنية أو الإضرار بالوطن، وقد نجح الرئيس بحكمة في تجنب الانجرار للحكم علي وطنية مصريين فلم يجب بأن وجودهم لصالح مصر أو في غير ذلك لكنه تحدث عن «طالما لم يرتكبوا حوادث إرهابية»، والمهم أن الإخوان لم يرتكبوا حوادث إرهابية منذ عام 1965 ومع ذلك لا الرئيس ولا الدولة تغفر لهم إرهاباً من جناح داخلهم ندموا عليه وتبرأوا منه منذ 44 عاماً، بينما ترحب وتدلل وتحتوي الجماعات الإسلامية التي ارتكبت عمليات إرهابية وتابت منذ عشر سنوات فقط، هل لأن الإخوان يعملون بالسياسة أما الجماعة الإسلامية فلا تعمل في أي شيء بما فيه فتح دكانة إلا بإذن أمن الدولة (لا أقول أمراً لكن أقول إذناً).
السؤال: «تاريخ مصر خلال السنوات الـ28 الأخيرة هو تاريخ رجل واحد، هو حسني مبارك، هذا هو تاريخ مصر، فما تركتك؟ ما الذي تفخر به؟ ما الذي سيقولونه عنك عندما تغادر»؟
الإجابة: «ما سأتركه ورائي هو أنني ظللت أعمل في الخدمة العامة طوال 60 عاما. لقد شاركت وشهدت تحركات. وأعدت بناء البلد بعد العمل العسكري، وقمنا بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر، ونحن نقوم بتحسين التعليم، ونقوم بتوسيع التعليم، ونبني جامعات، ونقوم بأشياء كثيرة أخري».
التعليق:
سيدي الرئيس هل من الممكن ألا تتحمس كثيراً في كلامك عن إنجاز البنية التحتية ، يجوز أنك فعلاً جددتها عام 28 عامًا، لكننا الآن عام 2009 والناس تشرب لا مؤاخذه من مياه المجاري وتروي الأراضي الزراعية من مياه المجاري ومصر تشهد أسوأ نسبة تلوث مياه في العالم، كما أن تلوث الخضراوات والفاكهة والمحاصيل الزراعية مذهل، مصر مسممة بالبطيء يا سيادة الرئيس وبنيتكم الأساسية دمرت البنية التحتية لصحة وبدن وروح المواطن المصري، فأرجوك كن أقل حماسا في هذا الخصوص خصوصا!
السؤال: هل ستكون مصر آمنة إذا غادرت؟
الإجابة: «مصر دولة كبيرة. مصر لديها دستور، والدستور يوضح دور كل واحد ودور الجميع، ولا يمكن لأحد أن ينتهك الدستور.لكن لو كانت مصر دولة رجل أوحد كما قلت أو كما يقال، لما استطعت أن أحقق أي شيء، أعمل بمساعدة المؤسسات ومساعدة البرلمان، فالبرلمان قوي إلي حد ما الآن. يمكنه أن يقيل حكومة.. يمكنه أن يغير الميزانية من الطريقة التي تقررها الحكومة إلي الطريقة التي يقررها البرلمان. عدلنا 34 مادة في الدستور وهذا أمر غير مسبوق».
التعليق:
يتحدث الرئيس عن تعديل أربعة وثلاثين مادة في الدستور بمنتهي الفخر بينما لم يقل إن معظم هذه المواد كانت تتحدث عن الاشتراكية - نظام الدولة، ثم ماذا عن المادة 76 التي كان تعديلها عارا وشنارا علي كل من شارك في صياغتها، وهي أطول مادة في دستور أي دولة في العالم، فضلاً عن أنها تفصيل من ترزية علي مقاس ابن الرئيس وهو ما ينفي عنها أي بصيص من تبجيل وتقدير، ثم ماذا عن المادة التي لم تتغير وهي المادة 77 التي تترك الرئيس يحكم مدي الحياة في احتكار أبدي وسرمدي للسلطة، ووقفت مع رجالك ضد تعديل هذه المادة كأنك تدافع عن مستقبل الديكتاتورية والحكم المطلق في مصر، ثم يدع الرئيس الكلام عن الاستفتاء الخاص بهذه التعديلات ونسبة المشاركة فيه والتزوير الفاضح والعلني له فهي تعديلات مفروضة بقوة الاستبداد والتزوير وليست بإرادة الأمة والشعب.
السؤال: سيدي الرئيس، مع احترامي، يقول كثيرون إنه لن يكون هناك قائد لمصر غير مقبول من الجيش، كما كنت أنت، وكما كان (الرئيس السابق) أنور السادات، وكما كان الرئيس ناصر، جميعكم تتبعون التقاليد نفسها، تقاليد الضباط الأحرار، وهذا لم يتغير في مصر، وأنت تعلم هذا، وأنا أعلم هذا؟
الإجابة: «هذا الأمر ربما.. يمكن أن يتغير بعد ذلك. هذا ربما يتغير. لا أحد يعرف من سينجح، فنحن لدينا انتخابات، وعندما يأتي الوقت للانتخابات، سيصوت الناس. ناصر كان ضابطا في الجيش، والسادات كان ضابطا في الجيش، وأنا ظللت في الجيش والقوات المسلحة حتي وصلت إلي أعلي منصب، وشهدت التحرك في أكتوبر، وتم تقليدي أرفع الأوسمة علي أعلي المستويات، وهذه ليست نقطة سلبية. لقد عملت نائبا للرئيس وقمت بالعديد من الجهود طوال ست سنوات كنائب للرئيس، ثم توليت منصب الرئيس».
السؤال: نعم هذه النقطة التي أعنيها، وهي أنه لن يصبح هناك رئيس لمصر غير مقبول من الجيش؟
> الرئيس يقول: إن الناس سوف تحدد مَنْ الذي يخلفه في الرئاسة.. ونحن نسأل: إزاي وكل انتخاباتكم مزورة؟! > قال الرئيس: سأترك ورائي أني قمت بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر.. لكن الحقيقة أنك جددتها منذ 28 عامًا والآن الناس تشرب «لامؤاخذه» مياه المجاري الإجابة: «لا، لا، لا.. لا أوافق علي هذه العبارة».
التعليق:
لا تعليق وإن كنت أريد أن أسأل: هل الرئيس لا يوافق علي هذه العبارة لأنها غير صحيحة أم لأنها صحيحة؟!
1- الإعلام المصري الحكومي والخاص الذي يحاور مبارك إعلام إما ناقص للشجاعة والمهنية أو منافق مهمته التبخير للرئيس والتقديس له والتهدج بآيات حكمته وروعة منطوقه.. ومن هنا يصبح الحوار مرئياً أو مطبوعاً كلاماً لا يضيف ولا يحذف، لا يقدم ولا يؤخر، يسأل مذيع أو صحفي متلهف علي رضا الرئيس ومرعوب من غضبته ويجيب رئيس لا يري نفسه مطالباً بأن يقول شيئاً لهؤلاء المرؤوسين المنبهرين العابدين الراكعين (هل في هذه الصفات قسوة تجنح للعدوانية تجاه الإعلام المصري المتعامل مع الرئيس والمرضي عليه من سيادته ومن محيطي سيادته، ربما، لكن تأمل حوار الصحفي الأمريكي مع مبارك لتعرف الفارق بين هذا الإعلامي الواثق وهذا اللغو الذي يرتكبه إعلاميونا).
2- الرئيس صريح مع الإعلام الأجنبي ويخصه بما لا يقوله للإعلام المصري، فهل هذا يعني استخفافاً من الرئيس بإعلام دولته أم أنه اهتمام بالغ غير مبالغ فيه بإعلام الأجانب الذي يملك مفاتيح التأثير الضاغط والضغط المؤثر في صناع القرار في حكوماته وفي تشكيل الرأي العام في بلاده؛ فأول كلمة قالها الرئيس عن توريث ابنه ودوره في دائرة السلطة كان مع صحيفة إسبانية عام 2000 وأحدث ما قاله عن القضية ذاتها كان ما قاله مع تليفزيون أمريكي أمس فقط.
لكن المؤكد أن الحوار الذي يجريه الرئيس وهو في السنة الثامنة والعشرين من حكمه وفي العام الثاني بعد الثمانين من عمره يبدو أنه الأكثر صراحة أو تصارحًا دون ما يتحفظ أو يتحسب لردود فعل الناس علي ما قاله.
تعال للحوار الذي أجراه المذيع الأمريكي الشهير تشارلي روز مع الرئيس مبارك وسأنشر أسئلة الوضع الداخلي في مصر بترجمة وإذن خاص من وكالة أمريكا إن أرابيك. ونحاول أن نعلق عليها بأن نطرح السؤال ثم إجابة الرئيس ثم تعليقنا.
السؤال: هل تنتوي تجديد الفترة الرئاسية؟
الإجابة: لا أفكر في ذلك الآن.
السؤال: هل ستكون هذه هي آخر فترة رئاسية للرئيس مبارك؟
الإجابة: إن همي الأساسي هو إكمال البرنامج من أجل الشعب. لقد تقدمت ببرنامج في الحملة الانتخابية. وكل فقرات البرنامج تسير بشكل جيد جداً. هذا هو اهتمامي الرئيسي لا أن أجدد أو لا أجدد. لا أفكر في ذلك الآن.
التعليق:
هذه لحظة يتراجع فيها الرئيس بما يقلق ويثير الريبة في كل سطور الإجابة، نعم يتراجع عما قاله في بداية ولايته الخامسة حين قال إنه باق حتي آخر نبضة في قلبه، ويومها قلت: إننا لا يجب أن نأخذ وعود الرئيس باعتبارها وعودًا نهائية قاطعة، حيث وعدنا من قبل بأنه لن يستمر أكثر من ولايتين فاستمر خمسًا، وقال كثيراً مما لم يصر علي الاستمرار في قوله والتمسك بتنفيذه، فأن يأتي اليوم ويقول من أمريكا إنه لا يفكر في تجديد ترشيحه لنفسه فهو يفتح الباب بقوة لكل التكهنات التي ارتقت لمستوي المعلومات منذ فترة بأن جمال مبارك يدير خطة ضاغطة علي والده للتنحي وتسليمه منصب الرئاسة في انتخابات مزورة ومزيفة كالعادة، لها شكل الديمقراطية التافه والهش بأن يخترع مرشحين كومبارس يشاركون بأوامر أجهزة أمن الدولة من أحزاب أمناء الشرطة المسموح لها بأن تعمل في الساحة السياسية تحت رعاية ودعاية الحزب الوطني بأنها أحزاب معارضة وهي أحزاب ترفع النقطة عن ضادها بكل وضوح، إذن نحن أمام رئيس يقول لمواطنيه أنا لا أفكر في التجديد وساعتها لازم نسأل: مِنْ إمتي يا ريس؟ لم نسمع منك هذه الإجابة منذ 28عاما فها نحن نسمعها اليوم لما كبر جمال !
أعرف أن الرئيس يمكن بعد بكره يرجع في تصريحه ويقول إنه قاعد وح يرشح نفسه وقد لا يفعل، لكنه يفتح تأويلاً بلا نهاية لانفكاك صلابة مقاومة الرئيس لسيناريو التوريث ـ الذي كان أبرز معارضيه من وجهة نظري. ومازلت أعتقد أن الساحة المصرية لو رفعت صوتها رافضة لجمال مبارك وتوريثه الحكم فيمكن للرئيس أن يعاود مقاومة المشروع لكنه يري الآن من خلال إعلامه والمحيطين به ورموز دولته وشخصياته المقربة حالة تأييد وتدعيم لجمال مبارك، كأن مصر لاتنام قبل أن تطمئن علي نجل الرئيس وهو ما يجعل الرئيس من موقع الأب ومن موقع الحاكم الفرد صاحب الحكم الشمولي يري أنه لامانع مادام الناس عايزه والناس في مصر حالة من ثلاثة
1- صامتون مغلوب علي أمرهم وهم كثرة، شعارهم من الأبد: إللي يتجوز أمي أقوله يا عمي.. ولا مشكلة لديهم أن يتزوج جمال من أمهم الأرملة أو المطلقة فهم تعودوا علي ذلك بعرق الخنوع والعبودية الغارز أظافره في جينات المصريين منذ مماليك الأرمن والشركس الذين حكموهم.
2- منافقون يتلهفون للمنصب والنفوذ والتمحك بالدولة والقرفصة تحت أقدام النظام وهؤلاء يبذلون جهداً جباراً في كل الميادين لعرض خدماتهم وبوس الأيادي، وتجدهم علقوا اللافتات ووضعوا الصور وتجهزوا بالأشعار لأجل جمال مبارك استعداداً للعمل سفرجية في بلاط الحكم !
3- معارضون بعضهم مشتت وبعضهم مفتت وبعضهم في السجن وفي المحاكمات العسكرية وبعضهم يحارب طواحين الهواء وبعضهم هواء!
السؤال: «لكنهم يكتبون كتباً يؤلفونها الآن عن مصر بعد مبارك»؟
الإجابة: «أسمع.. أن هذا (مصر) بلد مستقر وسوف يبقي بلداً مستقراً بعد مبارك وحتي بعد الرجل الذي يأتي بعد مبارك».
السؤال: هل تريد لابنك أن يأتي مِنْ بعدك؟
الإجابة: «لم أثر هذا الموضوع مع ابني. ولا أفكر في أن يكون ابني خليفة لي. لقد بدأ حياته العملية في البنوك في بنك«أوف أمريكا» ثم بعد ذلك في لندن ثم رجع مصر.. لقد كان هو (أي جمال مبارك) ضد الانضمام للحزب (الوطني) وكان انضمامه فقط بعد فترة طويلة. ليس ضمن تفكيري أن يرثني ابني.. إنه قرار الشعب أن يختار من سيمثل الشعب. ليس لي أن أقرر ذلك. إنه قرار الشعب أن يختار الشخص الذي يثق فيه. فمن سيكون هذا الشخص.. حسنا أمامنا وقت طويل. أمامنا سنتان».
التعليق:
وهذه إجابة أخري لا تحل ولا تربط، فهي قد تحل وتدعي أن قضية توريث الرئيس لابنه لا تدور في رأسه ومن ثم خلصت الحكاية، وقد تربط كذلك بأنه ما المانع أن تدخل ضمن تفكيره في أي لحظة؛ فالرئيس يقول إن ابنه لم يحدثه في هذا الموضوع، فهل هذا لأنه موضوع مفروغ منه أم لأنهما لا يتصارحان سياسيا بالشكل الواجب أم لأن جمال مبارك ابن مهذب لا يمكن أن يقول «لأبيه والنبي أنا عايز أقعد مكانك واعتزل وتنح من أجل خاطري»؟! لكن الأخطر هنا أن يضيف الرئيس ما يعرف تماما أنه غير حقيقي ومن المؤسف أن مصر كلها تعرف أنه غير حقيقي وليس كلاماً صادقاً علي الإطلاق، فالشعب لا يقرر مَنْ سيأتي ومَنْ سيمثله يا سيادة الرئيس، وهنا مفصل القضية لو أصررتم علي أن الانتخابات مفتوحة ونزيهة وحرة، فهذا محض مخالفة للواقع وليست فيه نقطة علي حرف ولا فصلة في جملة صحيحة بل هو زيف تام متمم، فالانتخابات غير مفتوحة لكل المرشحين ولا هي حرة نزيهة والتزوير يركبها من عاليها لسافلها، ومن ثم فالشعب لا يختار في بلدنا بل الذي يختار هو سيادتك بتعليماتك للأمن والأجهزة، فلا تقل لنا أبدا إن الشعب هو الذي يختار فهو لم يقم بالاختيار في أي لحظة من حكم سيادتكم!
السؤال:ألن تحل البرلمان، ألن تحله قريبا؟
الإجابة: لا يمكنني القول إنني لن أحل البرلمان. قد تكون هناك بعض الظروف. لكن ليس هناك أي منها في هذه اللحظة، لكن قد تكون هناك ظروف تستوجب حل البرلمان. لكن في هذه اللحظة لا توجد نقطة واحدة تستحق حل البرلمان. يكون هذا لا محالة منه عندما تكون هناك حاجة ماسة فقط.
التعليق:
يدهشك متابعة الإعلام الأمريكي للتفاصيل اليومية لمجريات الحياة السياسية في بلدنا، وهو ما يشير إلي أن مصر مهمة فعلاً، وأن أمريكا في حاجة بالغة للاطمئنان علي النظام الحاكم لدينا، فهو الضابط لمصالحها والعامل علي ومع سياستها من هنا سؤال حل البرلمان تفصيلي ومثير للاهتمام، لكن إجابة الرئيس جاءت واضحة في استبعاد حل البرلمان، صحيح أن الرئيس لم يقل لنا الظروف التي تستوجب حله لكن علي الأقل نعرف أنه لا توجد نقطة من هذه الظروف التي لا نعرفها متوفرة حالياً، وهو الرئيس وحده الذي سيعرف متي تتوفر وسيتصرف.
السؤال: كُتب الكثير عن حقيقة أن الانتخابات.. الانتخابات الأخيرة، التي كان فيها عدد كبير من المرشحين.. أنك منذ ذلك الحين تحركت وقمت باتخاذ إجراءات قمعية بحق الإخوان المسلمين؟
الإجابة: «دع أحدا يقرأ الدستور المصري لك، والتعديلات التي قمنا بإدخالها عليه. هؤلاء الناس الذين تتحدث عنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي لأن دستورنا يؤكد ويشترط أنه لن يكون هناك حزب سياسي مبنيا علي أساس ديني. إنهم لا يستطيعون تشكيل حزب سياسي، وهذا جزء لا يتجزأ من الدستور كما تم تعديله بواسطة الشعب، لكن الإخوان المسلمين موجودون كإخوان مسلمين.. كأفراد من الإخوان المسلمين داخل البرلمان. لدينا حوالي 80 منهم».
التعليق:
لكن الرئيس في إجابته لم ينف إطلاقا أنه قام بإجراءات قمعية وحتي لو نفي فسيكون نفياً غير حقيقي، فالمطاردات الهائلة للإخوان وتحويلهم للقضاء العسكري واعتقالاتهم المتكررة والمستمرة، هي إجراءات قمعية وقهر أمني يُعبِّر عن دولة بوليسية يدير فيها البوليس السياسة وتتعسكر فيها قاعات المحاكم حين الحاجة إليها ضد الإخوان المسلمين الذين تثبت كل قضاياهم أن المحاكم المدنية تنصفهم وتحكم لصالحهم وتبرئهم من اتهامات الدولة وتلفيقاتها بينما تقضي ضدهم المحاكم العسكرية، أما حكاية الحزب السياسي فهي إجابة تستحق وقفة مع الرئيس، فالحقيقة أنه مع نشر هذا الحوار في الولايات المتحدة كانت لجنة أحزاب الرئيس ترفض حزب الوسط الذي يتصدر مؤسسيه رجال من أشرف وأنبل السياسيين في مصر، وهو أبعد ما يكون عن الحزب علي أساس ديني ومع ذلك رفضته لجنة الأحزاب الحكومية، وهو ما يؤكد أن الإخوان لو عملوا حزبا دينياً أو علمانياً أو حتي كافرا فلن يسمح لهم الرئيس ونظامه.. والرئيس يتحدث كأن أي واحد في مصر ممكن يعمل حزبا وتوافق عليه الدولة، بينما الأحزاب إنما تخرج من رحم جهاز أمن الدولة أو بتوافق بين الدولة وبعض السياسيين الذين تتصور الدولة أن وجودهم يضفي شكلاً من الديمقراطية علي مشهد الحكم البوليسي، يا سيدي لو خرج الإخوان أو غيرهم لتكوين حزب حقيقي وجماهيري فسوف ترفضه لجنة أحزابكم الميمونة، والأمر لا علاقة له بالديني أو العلماني أو المدني، الأمر له علاقة وحيدة بالمباحث! لكن الثابت أن لغة الرئيس ولهجة إجابته عن الإخوان تحمل كراهية واضحة وحاسمة، والحقيقة أن يدير رجل الدولة سياسته بمشاعره حباً أو كراهية مسألة مقلقة أرجو أن يكون الرئيس مبارك بعيداً عنها بقدر ما نتمني ونرجو.
السؤال: هل تخشي الإخوان المسلمين أو تقلق من ارتباطهم بحركة حماس أو المتطرفين الإسلاميين الآخرين؟
الإجابة: «أعلم أن لديهم بعض الارتباطات معهم، لديهم ارتباطات بحماس، ولديهم ارتباطات بحزب الله، وهذا كله معروف، ولديهم ارتباطات بالعديد من المنظمات، ولديهم ارتباطات بأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين الدولية التي تتخذ من جنيف وأماكن أخري مقراً لها، لكننا نستطيع احتواء كل هذا».
التعليق:
هل الاحتواء الذي يتحدث عنه الرئيس مبارك هو احتواء سياسي أم احتواء أمني بوليسي؟ ثم ارتباطهم بحماس أو حزب الله أو التنظيم الدولي ليس في حاجة لمعلومات ولا معرفة، فهو أمر يعلمه الجميع ويعلنه الإخوان أنفسهم ثم هو موضع فخر للإخوان ولا أعرف فعلا ما الذي يشمله من سوء أو خطأ أو جريمة أو ما المانع في أن يكون هناك هذا الارتباط؟!
السؤال: هل تعتقد أن وجود الإخوان المسلمين «في صالح مصر»؟
الإجابة: «طالما لم يرتكبوا أي جرائم إرهابية، فالأمر لا يهمني».
التعليق:
الحقيقة لابد من شكر الرئيس بقوة في إجابته عن هذا السؤال، فهو فخ يكاد يطلب الرجل من الرئيس الحكم علي وجود أو إفناء تيار سياسي، أعضاؤه بعشرات الآلاف في مصر، فإذا كانوا في غير مصلحة مصر فالأمر يعني الإقصاء والمطاردة والاتهام بالخيانة أو عدم الوطنية أو الإضرار بالوطن، وقد نجح الرئيس بحكمة في تجنب الانجرار للحكم علي وطنية مصريين فلم يجب بأن وجودهم لصالح مصر أو في غير ذلك لكنه تحدث عن «طالما لم يرتكبوا حوادث إرهابية»، والمهم أن الإخوان لم يرتكبوا حوادث إرهابية منذ عام 1965 ومع ذلك لا الرئيس ولا الدولة تغفر لهم إرهاباً من جناح داخلهم ندموا عليه وتبرأوا منه منذ 44 عاماً، بينما ترحب وتدلل وتحتوي الجماعات الإسلامية التي ارتكبت عمليات إرهابية وتابت منذ عشر سنوات فقط، هل لأن الإخوان يعملون بالسياسة أما الجماعة الإسلامية فلا تعمل في أي شيء بما فيه فتح دكانة إلا بإذن أمن الدولة (لا أقول أمراً لكن أقول إذناً).
السؤال: «تاريخ مصر خلال السنوات الـ28 الأخيرة هو تاريخ رجل واحد، هو حسني مبارك، هذا هو تاريخ مصر، فما تركتك؟ ما الذي تفخر به؟ ما الذي سيقولونه عنك عندما تغادر»؟
الإجابة: «ما سأتركه ورائي هو أنني ظللت أعمل في الخدمة العامة طوال 60 عاما. لقد شاركت وشهدت تحركات. وأعدت بناء البلد بعد العمل العسكري، وقمنا بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر، ونحن نقوم بتحسين التعليم، ونقوم بتوسيع التعليم، ونبني جامعات، ونقوم بأشياء كثيرة أخري».
التعليق:
سيدي الرئيس هل من الممكن ألا تتحمس كثيراً في كلامك عن إنجاز البنية التحتية ، يجوز أنك فعلاً جددتها عام 28 عامًا، لكننا الآن عام 2009 والناس تشرب لا مؤاخذه من مياه المجاري وتروي الأراضي الزراعية من مياه المجاري ومصر تشهد أسوأ نسبة تلوث مياه في العالم، كما أن تلوث الخضراوات والفاكهة والمحاصيل الزراعية مذهل، مصر مسممة بالبطيء يا سيادة الرئيس وبنيتكم الأساسية دمرت البنية التحتية لصحة وبدن وروح المواطن المصري، فأرجوك كن أقل حماسا في هذا الخصوص خصوصا!
السؤال: هل ستكون مصر آمنة إذا غادرت؟
الإجابة: «مصر دولة كبيرة. مصر لديها دستور، والدستور يوضح دور كل واحد ودور الجميع، ولا يمكن لأحد أن ينتهك الدستور.لكن لو كانت مصر دولة رجل أوحد كما قلت أو كما يقال، لما استطعت أن أحقق أي شيء، أعمل بمساعدة المؤسسات ومساعدة البرلمان، فالبرلمان قوي إلي حد ما الآن. يمكنه أن يقيل حكومة.. يمكنه أن يغير الميزانية من الطريقة التي تقررها الحكومة إلي الطريقة التي يقررها البرلمان. عدلنا 34 مادة في الدستور وهذا أمر غير مسبوق».
التعليق:
يتحدث الرئيس عن تعديل أربعة وثلاثين مادة في الدستور بمنتهي الفخر بينما لم يقل إن معظم هذه المواد كانت تتحدث عن الاشتراكية - نظام الدولة، ثم ماذا عن المادة 76 التي كان تعديلها عارا وشنارا علي كل من شارك في صياغتها، وهي أطول مادة في دستور أي دولة في العالم، فضلاً عن أنها تفصيل من ترزية علي مقاس ابن الرئيس وهو ما ينفي عنها أي بصيص من تبجيل وتقدير، ثم ماذا عن المادة التي لم تتغير وهي المادة 77 التي تترك الرئيس يحكم مدي الحياة في احتكار أبدي وسرمدي للسلطة، ووقفت مع رجالك ضد تعديل هذه المادة كأنك تدافع عن مستقبل الديكتاتورية والحكم المطلق في مصر، ثم يدع الرئيس الكلام عن الاستفتاء الخاص بهذه التعديلات ونسبة المشاركة فيه والتزوير الفاضح والعلني له فهي تعديلات مفروضة بقوة الاستبداد والتزوير وليست بإرادة الأمة والشعب.
السؤال: سيدي الرئيس، مع احترامي، يقول كثيرون إنه لن يكون هناك قائد لمصر غير مقبول من الجيش، كما كنت أنت، وكما كان (الرئيس السابق) أنور السادات، وكما كان الرئيس ناصر، جميعكم تتبعون التقاليد نفسها، تقاليد الضباط الأحرار، وهذا لم يتغير في مصر، وأنت تعلم هذا، وأنا أعلم هذا؟
الإجابة: «هذا الأمر ربما.. يمكن أن يتغير بعد ذلك. هذا ربما يتغير. لا أحد يعرف من سينجح، فنحن لدينا انتخابات، وعندما يأتي الوقت للانتخابات، سيصوت الناس. ناصر كان ضابطا في الجيش، والسادات كان ضابطا في الجيش، وأنا ظللت في الجيش والقوات المسلحة حتي وصلت إلي أعلي منصب، وشهدت التحرك في أكتوبر، وتم تقليدي أرفع الأوسمة علي أعلي المستويات، وهذه ليست نقطة سلبية. لقد عملت نائبا للرئيس وقمت بالعديد من الجهود طوال ست سنوات كنائب للرئيس، ثم توليت منصب الرئيس».
السؤال: نعم هذه النقطة التي أعنيها، وهي أنه لن يصبح هناك رئيس لمصر غير مقبول من الجيش؟
> الرئيس يقول: إن الناس سوف تحدد مَنْ الذي يخلفه في الرئاسة.. ونحن نسأل: إزاي وكل انتخاباتكم مزورة؟! > قال الرئيس: سأترك ورائي أني قمت بتجديد البنية التحتية بأكملها في مصر.. لكن الحقيقة أنك جددتها منذ 28 عامًا والآن الناس تشرب «لامؤاخذه» مياه المجاري الإجابة: «لا، لا، لا.. لا أوافق علي هذه العبارة».
التعليق:
لا تعليق وإن كنت أريد أن أسأل: هل الرئيس لا يوافق علي هذه العبارة لأنها غير صحيحة أم لأنها صحيحة؟!