اقتربت الساعة فأحزموا امركم


المعارضة المصرية بكل احزابها وحركتها لا تملك بين جموع الشعب من تحشدهم في مواجهة اي مشروع يرسخ الاستبداد والقمع.
محصلة القوي الناتجة عن جموع الشعب والمعارضة- المفتتة- تساوي صفر في مواجهة من يملكون كل شيء

(عمر سليمان) شخصية تحظي بتأييد ممن هم داخل المؤسسة العسكرية وممن هم من داخل النظام والمعارضة المصرية


كل شيء يسير في اتجاهه الصحيح، السيناريوهات اُعدت، والترتيبات وُضعت، وردود الافعال جهزت وكل شيء يسير في طريقه كما رسموا خارطة الطريق من قبل
كانوا يتحركون في البداية علي اطراف اصابعهم في الظلام، وفي غمار السكون، اما الان فقد ارتفعت اصواتهم بعد ان حزموا امرهم ودخلوا مرحلة التنفيذ، فهذا حقهم كما يرون، فلقد بذلوا في هذا المشروع من جهد اكثر مما بذله اسلافهم في بناء السد العالي، والان حان وقت الحصاد لمشروع تنتهي مراحله الاخيرة، ولا يعطله سوي جناح في السلطة قد يقف في اتجاه هذا المشروع، ويبذل ما استطاع لتعطيله.

اما علي الجانب الاخر، جانب المعارضة المصرية بكل احزابها وحركتها وطوائفها، تقف بمنطق المشاهد، تسمع وتري فقط ولا تملك شيئا بين يديها ، فلقد انهكها المناخ السياسي الفاسد، وباتت مقراتها جزر منعزلة عن العالم المحيط، وتحولت انشقاقتها وخلافتها وعدم قدرتها علي اتخاذ موقف بمثابة تكريسا لضعفها وترهلها، وصارت دعوت احدي احزابها او حركاتها الي وقفة احتجاجية علي سلالم نقابة الصحفيين تحشد فيها عشرة انفار بمثابة انجاز، لذا فهي لا تملك بين جموع الشعب من تحشدهم في مواجهة اي مشروع يرسخ الاستبداد والقمع.

وبين هذا وذاك يقف الشارع المصري هو الاخر مشاهدا ،مسلما ومستسلما وكان الامر كله برمته لا يعنيه،فقط يشاهد رئيسه وقد قاربت حياته علي الانتهاء وباتت جفونه تسقط في غفوات خاطفة في كل لقاء او تصريح يدلي به....تحول 95 بالمائة من هذا الشعب الي ملاحظون طبيون يتنبئون بقرب النهاية الحتمية لحكم مبارك الاب اما بوفاته او تسليمه السلطة لأبنه علي حياة عينه، لم يعد في اذهانهم اية بدائل، فلقد تحول مشروع التوريث منذ لحظة الاعداد الاولي من مجرد ايحاء تشير اليه ظواهر داخل النظام الي فكرة باتت مطروحة وتتداولها الاقلام حتي صارت الان اعتقاد راسخ في الاذهان، يجعل حدوث الامر نفسه خاليا من اي رد فعل شعبي قوي مضاد له او قادر علي دحره....

تلك هي المقدمات، بلا اي زيادة او نقصان، انها معادلة القوي في اللعبة السياسية المصرية، محصلة القوي الناتجة عن جموع الشعب والمعارضة- المفتتة- تساوي صفر في مواجهة من يملكون كل شيء، وللأسف والالم والاسي (وكل المشاعر السيئة) تلك هي حقيقة المقدمات، التي من الطبيعي انها سوف تقود الي نتيجة حتمية، مها ارتفعت اصواتنا بالرفض، او رددنا شعارات حنجورية عقيمة رافضة للتوريث او محددة لشكل وخصائص التغيير الذي نريده في الفترة القادمة ولا نملك القدرة علي تحقيقه، لن يغير ذلك من الامر شيئا، فما هو ات ات لا محالة...

وطبقا لذلك فلقد بدأ تحرك مجموعة (جمال مبارك) في اتجاه اقرار مشروعهم وباتت دعوتهم نحو حل البرلمان تأخذ موضع التنفيذ، من اجل صناعة مجلس شعب جديد، يتمتع بخصائص سياسية معارضة ولكنها تحت السيطرة، تكفل لجمال مبارك خوض انتخابات رئاسية تبدوا امام الجميع بأنها تعددية وشرعية ويشارك فيها مرشحين من الاحزاب المعارضة الرئيسية، بعد ان يحصل كل منهم علي المقاعد التي تخولهم المشاركة في المسرحية الرئاسية القادمة.
لينتهي الامر بفوز جمال مبارك ومن يعلم فقد نجد "احمد عز" وقد استخدم مليونا واحدا من الملايين الثلاث-اعضاء الحزب الوطني ممكن يجزل لهم العطايا- في مظاهرة مليونية قبل او بعد الانتخابات لتضفي الصورة الشرعية وتؤكد علي التأييد الشعبي للرئيس الجديد..

ولكن في غمار كل هذا ماذا عن موقف الجيش من عملية التوريث؟؟ هذا هو السؤال المطروح والذي تتطرق اليه كثيرا من المحللين السياسيين المصرين العرب والاجانب في الفترة الاخيرة ،مؤكديين علي ان الجيش المصري لن يسمح بأنتقال الحكم الي جمال مبارك الذي لا يملك اي شرعية سياسية او عسكرية، والمؤكد في هذا السياق ان اطر التعددية السياسية المقيدة ومنذ ارساها الرئيس السادات لم تمنع العسكريين من لعب دور يستوجب القيادة سواء اكان هذا الدور محددا او متصلا او يبرز من فترة لأخرة، فهذا الدور تميز بالاستمرارية منذ 1952 حتي الان حتي مع تغير شكل النظام السياسي نفسه ولكن بصور مختلفة، لذا فلقد بات جلياً هنا امام الجميع ان من هو قادم بعد مبارك، اما سوف يكون "الوريث" وذلك طبقا لمشروع جمال مبارك ورجاله، او ستكون شخصية ممن تتمتع بتأييد عسكري بالاضافة الي قبول شعبي حفاظا علي الاستقرار، وهنا يبرز اسم اللواء (عمر سليمان) كشخصية تحظي بتأييد ممن هم داخل المؤسسة العسكرية انفسهم ومن هم ممن داخل النظام والمعارضة المصرية، فالرجل ينظر اليه الجميع نظرة احترام وتقدير لسجله ناصع البياض والذي لم يشوبه شائبة).

لذا فقد بات الشعب المصري مخيرا بين امرين (علي فكرة انا مش بخيرك او بمعني ادق مش انا الي بحدد ما هو قادم، ولكني اقراء معك ما هو قادم بصوت مرتفع) وشتان الاختلاف بين الامرين، تلك هي النظرة الاوقع التي يتم بموجبها طرح الموضوع بعيدا عن النظرة التأمرية التي تفترض ان في وجود رضاء من اطراف دولية وداخلية حول شخصية اللواء سليمان هو امرا يحمل مؤامرات بين طياته ....
للأسف ليس هناك احتمالات اخري، اما ان نقف ضد مشروع التوريث ونتعامل بواقعية مع ما هو متاح، من اجل ان نوقف كارثة قادمة لا محالة او نقف ساكنين، ونغمض اعيننا ونصم اذاننا عن واقع سياسي موجود بالفعل ونعلي اصواتنا منادين ومطالبين بما هو غير قابل للتحقيق...
ولكن تذكروا يا سادة ان ما هو قادم، ليس بتعديل دستوري مشوه، ولا هو تمديد لرئيس سوف تنته حياته اجلا ام عاجلا، ولا هو حريق لحزب قد يعاد بنأه مجددا، ولكنه اخطر كارثة سوف تصيب مصر وشعبها، انه بمثابة اغتصاب شعب بأكمله.